قانون تجريبي
القانون التجريبي هو قانون أو صيغة رياضية، مبنية على المشاهدات، والتجارب. لا على البرهنة، ولا على الاستنتاج من قواعد أو قوانين نظرية.
يعتبر الاتجاه التجريبى من أفضل مذاهب البحث العلمي؛ لأن هذا المذهب يعتمد بالأساس على التجربة العلمية القائمة على قواعد المنهج العلمي، مما يتيح فرصة عملية لأختبار الاستنتاجات للتأكد من تطابقها مع الحقائق الموضوعية، الأمر الذي يقدم أُسس لوضع القوانين عن طريق هذه التجارب. والتعلُّم بالتجربة قديم قِدم الإنسان الأمر الذي اعطاه الفرصة للوصول إلى مراحل متقدمة، ولكن تحولت التجربة والملاحظة إلى منهج علمي جرى في نهاية العصور الوسطى.
إذن يمكننا القول إن أكثر المذاهب بحثًا وأهمية بالنسبة للإنسان هو المذهب التجريبي لأن هذا المذهب ساعده على التطور وبناء حضارته عن طريق الملاحظة والتجريب والوصول إلى النتائج الصحيحة ومعرفة الطُّرق السلمية للتعامل مع الظواهر وتفسيرها.
ومِما لاشك فيه إن هذا المذهب في البحث العلمي مر بمراحل عديدة من التطور شأنه شأن الحضارة الإنسانية فبينما كان الإنسان الأول يقوم باستخدام هذا المذهب دون أن يشعر أصبح هذا المذهب الآن مكتمل الصور ويتم استخدامه بطريقة تعتمد في الأساس على القواعد العلمية. وتتضح قيمة المذهب التجريبي في العلوم البحتة والتطبيقية.
تاريخ المذهب التجريبي
منذ ظهور الإنسان تميز بسعيه لمعرفة الطبيعة التي وجد نفسه فيها، وأصبح من السمات الإنسانية التجريب واختبار المواد لمعرفة الصالح والمناسب له ولو اخذنا مثالاً على ذلك ان الإنسان المبكر استخدم حجر الصوان لقدح الشرر وتوليد النار منه ولابد ان الوصول لهذه النتيجة سبقتها خبرات متراكمة من ملاحظات على أنواع من الاحجار أدت إلى استنتاج وجود الخاصية في حجر الصوان دون باقى أنواع الحجر. لقد استخدم الملاحظة والخبرة المتراكمة للاستنتاج من مرحلة مبكرة في تاريخ الإنسانية. ويسمى أيضا مدهب الملاحظة الخارجية والتجربة.
أسباب اعتماد القوانين التجريبية
يلجأ العلماء أحيانًا لاعتماد القوانين التجريبية في حال عدم تواجد أي وسيلة لاستنتاج قانون مبرهن برهانًا رياضيًا لوصف ظاهرة ما. ومن الجدير بالذكر أن هذه القوانين قد تفتح الباب أو تساعد على ظهور علم جديد، وكذلك قد تساعد العلماء على المزيد من البحث والمحاولات النظرية لتفسير ظاهرة ما بالاستعانة بتلك الصيغ التجريبية.
الاستدلال - التجريبي
عمليه عقليه خالصه نستدل من خلالهأعلى نتيجه أو نتائج معينة اعتماد على معطيات محسوسه اوتجارب وهذه العملية تتم في العلوم الفلسفية والاجتماعية حيث الاعتماد على المشاهدات بشكل رئيسي نظرا لتعذر القيام بتجارب كمان في العلوم الأخرى الهندسية أو الرياضية أو غيرها.
1_اليونانين والمنهج التجريبي
لاشك أن ظهور المنهج التجريبي وتثبيت اركانه كان عسيرا، إذ استمر يحاول الظهور منذ عهد سقراط بل ومن قبله، إذ ان فلسفة اليونان كثيرا ما كانت تشمل أجزاءً نعدها اليوم منتمية إلى مجال العلم التجريبي كالنظريات الخاصة بأصل الكون أو بطبيعة المادة ومن هذا القبيل كان مذاهب التجريبيين اليونانيين التي نجدها في الفترة السابقة لسقراط وكذلك في الفترة المتأخرة للفلسفة اليونانية.
ولقد كان أبرز هؤلاء الفلاسفة هو ديمقريطس (Democritus) وهو معاصر لـ سقراط، يعد أول من طرأت على ذهنه الفكرة القائلة، ان الطبيعة تتألف من ذرات، ومن هنا أصبح يحتل مكانةً في تاريخ العلم فضلًا عن تاريخ الفلسفة ويمكن أن يعد ديمقراطيس من بين الفلاسفة اليونانيين الذين كانوا يعتقدون أن المعرفة لا بد ان تكون يقينية أو مجربه على نحو مطلق.
وقد أدرك كارنيدس (Carneddes) في القرن التاسع قبل الميلاد أن الاستنباط لا يمكنه تقديم مثل هذه المعرفة، لأنه لا يقتصر على استخلاص نتائج من مقدمات معطاة ولا يستطيع اثبات صحة المقدمات كما أدرك أنه لا ضرورة للمعرفة المطلقة، من أجل توجيه الإنسان في حياته اليومية. والواقع أن كارنيدس بدفاعه عن الرأي الشائع وعن الاحتمال قد أرسى دعائم الموقف التجريبي في بيئة عقلية وكان اليقين الرياضي يعد فيها الصورة الوحيدة المقبولة للمعرفة. وقد استمر الاتجاه إلى التجربة عن طريق الشك في المعلومات العقلية المجردة في القرون التالية. وكلما قامت حضارة ارتفعت أسهم الحركة التجريبية ولكن ظل الاتجاه العام في الفكر هو الاتجاه العقلي.
أما التجربة فقد كانت من خصائص أصحاب الحرف والصناعات وفي بعض الأوقات الأطباء وقد كان سكستس ايرامبيريكوس (Sextus Erampiricus) في حوالي العام 150 م رائداً لمدرسة الأطباء التجريبيين الذي ظهر منها أبو الطب ابقراط الذي اثر في مسيرة المنهج التجريبي ولقد تأثر به سقراط كثيرا ولاننسى تجربته الرائدة عندما قام بكسر بيض الدجاج في مراحل مختلفة لمعرفة مراحل تطور الجنين.
2_المسلمين والمنهج التجريبي
عندما انبثقت الحضارة الإسلامية وجاءت معها بروح علمية جديدة واستخدم العلم كأداة لتطوير الحياة نشطت الحركة التجريبية وظهر في علماء المسلمين كثيرون ممن اعتمدوا التجربة منهجاً أساسياً في المعرفة وأبرزهم كان جابر بن حيان في القرن الثاني للهجرة. كذلك كان الحسن بن الهيثم اشتهر في الغرب بمؤلفاته في حقل البصريات إلا أن فترة اضمحلال الحضارة الإسلامية رافقه ضعف في حركة التجربة وانعطاف جدي إلى المناهج العقلية. وفي الغرب شهدت الفترة هذه جموداً حضارياً إنعكس بالطبع على المدرسة التجريبية حيث كانت الفلسفة في القرون الوسطى (اسم يطلق على هذه الفترة بالذات) من اختصاص رجال اللاهوت الذين حصروا أنفسهم على المنهج المدرسي وأضفوا عليه طابعاً دينياً وأبعدوا المنهج التجريبي بالطبع عن واقع الحياة.
3_الغرب والمنهج التجريبي
في وسط الظلمات المحيطة بالعصور الوسطى ظهر بصيص نور في وسط ظلام الجهل الدامس متمثلاً في فلاسفة من أمثال: روجر بيكون Bacon Roger (1213-1294م) الذي كان شديد الاهتمام بالمنهج التجريبيى وله تأملاته في خطواته ومبادئه المنطقية وكان روجر بيكون على معرفة كاملة بكثير من المجالات المتنوعة ابتداء من معرفته بالبارود وتركيبته الكيميائية حتى تصوره وعلى نحو سابق لعصره بالغواصات والسفن التي تسير بالمحركات الآلية حيث كان من الذين نقلوا روح التجربة العلمية من بلاد المسلمين إلى الغرب. وبظهور العلم الحديث في حوالي عام 1600 بدأ المذهب التجريبي يتخذ شكل نظرية فلسفية إيجابية قائمة على أسس متينة يمكن أن تدخل في منافسة ناجحة مع المذهب العقلي. كما في مذاهب فرانسيس بيكون (1561 -1626) م وهو فيلسوف إنجليزي أول من حاول إقامة منهج علمي جديد يرتكز إلى الفهم المادي للطبيعة وظواهرها، وهو مؤسس المادية الجديدة والعلم التجريبي وواضع أسس الاستقراء العلمي، فالغرض من التعلم عنده هو زيادة سيطرة الإنسان على الطبيعة وهذا لا يمكن تحقيقه إلاَ عن طريق التعليم الذي يكشف العلل الخفية للأشياء. دعا أيضا إلى النزعة الشكية فيما يتعلق بكل علم سابق بحيث يجب أن تكون هذه النزعة الخطوة الأولى نحو الإصلاح وتطهير العقل من المفاهيم المسبقة والأوهام التي تهدد العقل بشكل مستمر
و جون لوك (1632 -1704)م وآخرين من الذين أسهموا في بناء المنهج التجريبي الحديث. ان ذلك كان جانبا واحدا فقط من جوانب المنهج التجريبي. وهو الجانب النظري منه فقط، وهناك جانب آخر للمنهج التجريبي هو الجانب العملي منه وهو ذلك الجانب الذي يعتمد على صنع ظاهرة من ظواهر الحياة ثم ملاحظتها ودراسة أسبابها وميزاتها وطرق التحكم فيها. ويفترق هذا الجانب عن ذاك في أمرين:
- أ_ إن صنع الظاهرة يخضع لشروط الباحث نفسه ويستطيع بذلك إبعاد كافة الملابسات التي قد تشوش الرؤية وتعوق دون فهم حقيقة الظاهرة والعوامل الأساسية المؤثرة في ظهورها بينما ملاحظة ظاهرة طبيعية لا تخضع لشروط الباحث وتتداخل فيها عوامل عديدة يصعب تمييز العامل الحاسم من بينها.
- ب_ إن التجربة النظرية هي حصيلة العلوم النظرية التي لا تحتاج إلى جهد إضافي بينما التجربة العملية هي نوع من القيام بعمل تغيير في الحياة ويحتاج إلى جهد وإلى إيجاد شروط صعبة في الحياة ولذلك استطاع علماء اليونان اكتشاف أهمية المنهج التجريبي نظريا بينما لم يقدروا على إجراء أبسط التجارب العملية التي لو أنهم جربوها لكانوا اكتشفوا حقائق كثيرة، فمثلاً: الفكرة القائلة أن الشمس والأرض والكواكب تتحرك حولنا لم تكن مجهولة لليونانيين، فقد اقترح أرسطوفوس الساموسي (Aristarchus of Samos) بصواب فكرة النظام المتمركز حول الشمس في حوالي عام 200 ق.م ولكنه لم يتمكن من اقناع معاصريه بصواب رأيه ولم يكن في استطاعة الفلكيين اليونانيين أن يأخذوا برأي أرسطوفوس لأن علم الميكانيكا كان في ذلك الحين في حالة تأخر مثال ذلك ان بطليموس اعترض على أرسطوفوس بالقول: أن الأرض ينبغي ان تكون ساكنة لأنها لو لم تكن كذلك لما سقط الحجر الذي يقع على الأرض في خط رأسي ولظلت الطيور في الهواء مختلفة عن الأرض المتحركة وهبطت إلى جزء مختلف من سطح الأرض ولم تجر تجرية إثبات خطأ حجة بطليموس إلا في القرن السابع عشر، عندما أجرى الأب جاسندي (Gassendi) وهو عالم وفيلسوف فرنسي كان معاصرا لـ ديكارت وخصما له، أجرى تجربة على سفينة متحركة فأسقط حجرا من قمة الصاري ورأى انه وصل إلى أسفل الصاري تماما. ولو كانت ميكانيكا بطليموس صحيحة لوجب ان يتخلف الحجر عن حركة السفينة وان يصل إلى سطح السفينة عندما يقع في اتجاه مؤخرتها.
وهكذا أيد جاسندي قانون جاليلو الذي اكتشف قبل ذلك بوقت قصير، والذي يقول: ان الحجر الهابط يحمل في ذاته حركة السفينة ويحتفظ بها وهو يسقط. فلماذا لم يقتنع بطليموس بتجربة جاسندي؟؟ ذلك لأن فكرة التجربة العلمية متميزة من ناحية القياس والملاحظة المجردة، وهي لم تكن مألوفة لليونانيين.وهكذا عرفنا أن هذه التجربة البسيطة لو أجراها العلماء اليونانيون لكان علم الفلك الحديث قد تقدم أربعة آلاف سنة. ان ذات التجربة التي قام بها جاليلو كان بالإمكان أن يقوم بها بطليموس لو أنه لم يكتف بمجرد ملاحظة الظواهر الكونية وصياغة النظريات العامة. إلا أن الذي حدث فعلاً كان مختلفاً عما يتمناه الإنسان اليوم وهو أن البشرية بلغت مرحلتها المتقدمة من العلم منذ القرن الخامس عشر حيث دخل في الأوساط العلمية وليد جديد ألا وهو العلم التجريبي العملي.
حيث كان جاليلو (1564-1641) م أول من وجه التلسكوب الذي اخترعه صانع عدسات هولندي إلى السماء، في إيطاليا. واخترع إيطالي آخر كان صديقا لـ جاليلو، هو العالم توريشيلي (Torricelli) حيث اخترع البارومتر، وأثبت أن للهواء ضغطاً يقل بازدياد الارتفاع. وفي ألمانيا اخترع جوريكة (Guericke) مضخة الهواء، وأوضح أمام الجمهور الذي عقدت الدهشة لسانه، قوة الضغط الجوي، بأن جمع بين نصفي كرة فارغةً من الهواء لم تستطع مجموعة من الخيول أن تفصل أحدهما عن الآخر.
واكتشف هارفي (Hervey) الدورة الدموية، ووضع بويل القانون الذي يعرف باسمه والخاص بالعلاقة بين ضغط الغاز وحجمه. وهكذا توالت الاكتشافات، لتفتح نافذة جديدة على عالم المجهول، هي نافذة التجربة العملية.
اولا_الملاحظة
أول مراحل المنهج التجريبي هي الملاحظة لواقعة معينة، هذه الواقعة متكررة بنفس الاسلواب وبنفس الشكل بحيث تمثل ظاهرة وهذه الظاهرة ام ان تكون ايجابية اوسلبية.
وإذا كانت الظاهرة ايجابية:- فنقوم بدراسة هذه الظاهرة وملاحظتها ونقوم باجراء التجارب حتى نعرف الأسباب التي تقف وراءها ومن ثم ندعم هذه الأسباب التي تقف وراءها حتى تستمر الظاهرة في الاتجاه الصحيح وتزدهر وتتطور وتنمو.
اما إذا كانت الظاهرة سلبية:- فإننا ندرسها ونقيم التجارب عليها حتى يتسنى لنا معرفة أماكن القصور والضعف ومن ثم نعالج هذا القصور والضعف في هذه الظاهرة حتى نتمكن من تلافي الاضرار الناتجة عنها. ويعرف د.محمود قاسم الملاحظة بأنها ((المشاهدة الدقيقة لظاهرة مع الاستعانة باساليب البحث والدراسة، التي تتلاءم مع طبيعة هذه الظاهرة))، وهو يرى ان الملاحظة تهدف إلى الكشف عن بعض الحقائق التي يمكن استخدامها لاستنباط معرفة جديدة. وهكذا نجد ان الاستقراء العلمى يبدأ بملاحظة الظواهر على النحو الذي تبدو علية بصفة طبيعية.
اما التجربة: فهي ملاحظة الظاهرة بعد تعديلها كثيرا أو قليلا عن طريق بعض الظروف المصطنعة فان الباحث في حالة الملاحظة يرقب الظاهرة التي يدرسها دون أن يحدث فيها تغييرا أو ان يعدل الظروف التي تجرى فيها اما في حالة التجربة فانه يوجد ظروف مصطنعة وتهيئ له دراسة الظاهرة على النحو الذي يريده. وهناك صلة بين الملاحظة والتجربة فهما تعبران عن مرحلتين في البحث التجريبي ولكنهما متداخلتان من الواجهة العملية فالباحث يلاحظ تم يجرب ثم يلاحظ نتائج تجربته.
ويقسم الدكتور محمود قاسم التجارب إلى 3 أنواع:
1-التجربة المرتجلة:-
ويطلق هذا المصطلح على تدخل في ظروف الظواهر لا للتأكد من صدق فكرة علمية بل لمجرد رؤية ما يترتب على هذا التدخل من آثار ويلجأ الباحث إلى هذا النوع في المرحلة الأولى من مراحل المنهج التجريبيى والتجربة هنا ملاحظة يثيرها الباحث لكى يعثر على أحد الفروض وهي نافعة للعلوم التي مازلت في مراحلها الأولى.
2-التجربة الحقيقية أو العلمية:-
ويطلق هذا الاسم على كل تدخل يلجأ إليه الباحث في المرحلة الأخيرة من المنهج الاستقرائي أي عندما يريد التحقق من صدق الفروض التي يضعها بناءً على ما توحي إليه الملاحظة أو التجربة.
3-التجربة غير المباشرة:-
وهي التجربة التي تمد بها الطبيعة دون تحكم من جانب الباحث وهي لاتقل أهمية عن التجارب التي يتحكم فيها الباحث نفسه
سمات الملاحظة
لابد ان تكون الملاحظة خالية من الهوى أي من الضروري التزام النزاهة والحيادية وعدم إقحام الميول الشخصية فيها فلابد أن نلاحظ ونجرب بغرض الدراسة في مكتبة معينة لغرض ما يقصده الباحث. كما يجب أن تكون الملاحظة متكاملة أي لابد ان يقوم الباحث بملاحظة كل العوامل التي قد يكون لها اثر في أحداث الظاهرة. كذلك من الضرورى ان تكون الملاحظة أو التجربة دقيقة أي لابد أن يحدد الباحث الظاهرة التي يدرسها ويطبقها ويعين زمانها ومكانها ويستعمل في قياسها أدوات دقيقة ومحكمة. وكذلك لابد للباحث ان يستوثق من سلامة أي أداة أو وسيلة قبل استخدامها.هذا
ثانيا_الفـروض
الفروض هي التوقعات والتخمينات للأسباب التي تكمن خلف الظاهرة والعوامل التي أدت إلى بروزها وظهورها بهذا الشكل، ويعتبر الفرض نظرية لم تثبت صحتها بعد أو هي نظرية رهن التحقيق أو هو التفسير المؤقت الذي يضعه الباحث للتكهن بالقانون أو القوانين التي تحكم سير الظاهرة. ولذلك تكون المرحلة التالية بعد ملاحظة الظاهرة التي تنزع إلى التكرار هي تخمين الأسباب التي تؤدى إلى ظهور الظاهرة، وللفروض أهمية كبيرة للوصول إلى حقائق الأمور ومعرفة الأسباب الحقيقة لها ويحب التاكيد على أن كل تجربة لاتساعد على وضع أحد الفروض تعتبرا تجربة عقيمة، إذ انه لايمكن أن يكون أي علم لو أن العالم اقتصر على ملاحظة الظواهر وجمع المعلومات عنها دون أن يحاول التوصل إلى أسبابها التي توضح الظاهرة. وبالرغم من الأهمية القصوى للفروض فإن بعض العلماء يحاربون مبدأ فرض الفروض لانها تبعد الباحث عن الحقائق الخارجية فهي تعتمد على تخيل العلاقات بين الظواهر كما أنها تدعو إلى تحيز الباحث ناحية الفروض التي يضعها مع اهمال بقية الفروض المحتملة، ولكن لاشك ان للفروض أهمية قصوى في البحث فهي توجه الباحث إلى نوع الحقائق التي يبحث عنها بدلاً من تشتت جهده دون غرض محدد، كما أنها تساعد على الكشف عن العلاقات الثنائية بين الظواهر ويقول كلود برنار الذي يبين أهمية الفرض ((ان الحدس عبارة عن الشعور الغامض الذي يعقب ملاحظة الظواهر ويدعو إلى نشأة فكرة عامة يحاول الباحث بها تأويل الظواهر قبل أن يستخدم التجارب وهذه الفكرة العامة (الفرض) هي لب المنهج التجريبي لانها تثير التجارب والملاحظات وتحدد شروط القيام بها))
سمات الفروض العلمية
- ينبغي ان تكون الفروض مستوحاه من الوقائع نفسها أي يحب ان تعتمد الفروض العلمية على الملاحظة والتجربة
- ينبغى ألا يتعارض الفرض مع الحقائق التي قررها العلم بطريقة لاتقبل الشك
- يجب أن يكون الفرض العلمى قابل للتحقيق التجريبي
- يجب أن يكون الفرض كافياً لتفسير الظاهرة من جميع جوانبها
- يجب أن يكون الفرض واضحاً في صياغته وان يصاغ بإيجاز
- عدم التشبث بالفروض التي لاتثبت صلاحيتها
- عدم التسرع في وضع الفروض لان العامل المؤثر هنا هو قيمة الفرض
- يحب اختيار الفروض التي يمكن تفسيرها واقربها إلى التحقيق تجريبيا واقلها كلفة
ثالثا_التجريب أو تحقيق الفروض
تعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل البحث فالفرض ليس له قيمة علمية مالم تثبت صحتة موضوعا ويؤدي الفرض إلى إجراء التجارب والقيام بملاحظات جديدة للتأكد من صدقه والتأكد من صحته ولايصح الفرض علمياً إلا بشرط ان يختبر بالرجوع إلى التجربة لإثبات صحته ويجب ملاحظة ان الفرض الذي لم يثبت صحته هو نتيجة مهمة جدا.
كيفية تحقيق الفروض
- لابد ان تكون هناك قواعد عامة يسترشد بها الباحث للتأكيد على صحة الفروض التي يختبرها
- ألا يختبر الباحث أكثر من فرض واحد (يفسر الظاهرة) في الوقت نفسه وألا ينتقل من فرض إلى آخر إلا إذا تأكد من خطأالفرض الأول
- الا يقنع الباحث باختيار الادلة الموجبة التي تويد الفرض لان دليلاً واحداً يتنافى مع الفرض كفيل بنقضه ولو أيدته مئات الشواهد
- الا يتحيز الباحث لفروضه بل يكون على استعداد تام لان يستبعد جميع الفروض التي لا تؤيدها نتائج التجارب والملاحظات العلمية
كيف يمكن التحقق من صحة الفرض
اهتم العلماء بوضع مناهج دقيقة للتثبت والتأكيد على صحة الفرض وكان أهم هذه المناهج ماوضعه (جون ستيورات مل) للتأكد من صحة الفروض والذي اعتمد في وضعها على الفيلسوف بيكون.
ويقسم ستيورات طرق التحقق من صحة الفروض إلى ثلاث طرق وهي:-
1_طريقة الاتفاق
تقوم هذه الطريقة على أساس انه إذا وجدت حالات كثيرة متصفة بظاهرة معينة وكان هناك عنصر واحد ثابت في جميع الحالات في الوقت الذي تتغير قيه بقية العناصر، فإننا نستتنج ان هذا العنصر الثابت هو السبب في حدوث الظاهرة ومن الممكن ان نعبر عن هذه العلاقة بالصورة الرمزية التالية
- الحالة الأولى أ ب ج ص
- الحالة الثانية د ب ج ص
فنظراً لوجود العنصر (ج) في كل حالة تحدث فيها الظاهرة (ص) فاننا عندئذ نقول بأن العامل (ج) هو السبب في حدوث الظاهرة (ص)
سلبيات هذه الطريقة:-
مما يؤخذ على هذه الطريقة في الاثبات انه ليس من الضرورى في كل حالة يوجد فيها العامل (ج) وتحدث الظاهرة (ص) ان يكون العامل (ج) سبباً حقيقاً فقد يكون وجوده من قبيل الصدفة دائما ومن المحتمل ان تكون النتيجة (ص)مسببة عن عامل آخر لم يتعرفه الباحث ومن المحتمل ان يكون العامل (ج) قد أحدث النتيجة (ص) بالاشتراك مع عامل لم يتعرف عليه الباحث، إذاً لانستطيع أن نعزل في الواقع سبباً واحداً ونقول انه السبب المحدد بالفعل، وعلى هذا فإنه يبنغي ألا نثق كثيراً قى هذه الطريقة فلا نتخذ من مجرد الاتفاق دليلاً على وجود علامة سببية.
2_طريقة الاختلاف
تقوم هذه الطريقة على أنه إذا اتفقت مجموعتان من الأحداث من كل الوجوه إلا أحدها فتغيرت النتيجة من مجرد اختلاف هذا الوجه الواحد، فإن ثمة صلة علية بين هذا الوجه والظاهرة الناتجة فإذا كانت لدينا مجموعة مكونة من عناصر مثل (ك ل م ن) تنتج ظاهرة ما، ومجموعة أخرى (ك ل م ه) ونتج عن ذلك اختلاف في النتيجة في حالة عن الأخرى فانه توجد بين (ن، ه) صلة العلية وهذه الطريقة شائعة الاستعمال في البحوث العلمية لانها أكثر دقة من سابقتها فإذا جمع الباحث مجموعتين من الأشخاص وعرض المجموعة الأولى لعدد من العوامل فظهرت نتيجة معينة ثم حرم المجموعة الثانية من تأثير أحد العوامل فلم تظهر النتيجة في هذه الحالة، يمكن استنتاج ان العامل الذي اسقطه الباحث هو السبب في حدوث النتيجة الأولى وهذه الطريقة في الإثبات هي التي تقوم عليها فكرة المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة
سلبيات هذه الطريقة:-
من سلبيات هذه الطريقة انه كثيراً ما يصعب على الباحث تحديد جميع المتغيرات المؤثرة في الموقف الكلي قبل البدء في الدراسة وكذلك من الصعب وخاصة في البحوث المكتبية إيجاد مجموعتين متكافئتين في جميع العوامل وتختلفان عن بعضهما في عامل واحد لكثرة المتغيرات التي تؤثر في الموقف المكتبي.
3_طريقة التلازم في التغير
تقوم هذه الطريقة على أساس انه إذا وجدت سلسلتان من الظواهر فيها مقدمات ونتائج وكان التغير في المقدمات في كلتا السلسلتين ينتج عنه تغير في النتائج في كلتا السلسلتين كذلك وبنسبة معينة فلابد ان تكون هناك علاقة سببية بين المقدمات والنتائج ويمكن أن نعبر عن هذه العلاقة بالصورة الرمزية التالية:
- الحالة الأولى أ ب ج1 ص1
- الحالة الثانية أ ب ج2 ص2
إذاً يمكن القول بأن (ج)، (ص) مرتبطان بعلاقة سببية ولقياس علاقة الترابط يلجأ الباحث إلى حساب معامل الارتباط
ومن مميزات هذه الطريقة يمكن استخدامها في مجال اوسع من مجال طريقة الاختلاف كما أنها الطريقة الكمية الوحيدة بين الطرق التي حددها (ستيورات مل) وهي تمكن الباحث ان يحدد بطريقة كمية النسبة الموجودة بين السبب والنتيجة.
سلبيات هذه الطريقة:
- من الممكن ان تكون العلاقة بين المتغيرات غير سببية
- يجب تثبيت جميع العوامل في جميع الحالات التي يجمعها الباحث ماعدا متغير واحد
التصميم التجريبى
يعتبر تطبيق المنهج التجريبى تطبيقاً كاملاً من الأمور الصعبة جدا في العلوم الاجتماعية ومنها بالطبع علم المكتبات والمعلومات، ولتسهيل هذه الأمور وتذليل هذه الصعوبات حاول بعض الباحثين تصميم بعض التجارب والطرق التي تساعد على تحسين استخدام هذه المناهج ومن أهم هذه الطرق هي:-
- 1-التجارب الصناعية والتجارب الطبيعية
لابد لنا أولا من معرفة المقصود بالتجربة الصناعية والطبيعية التجربة الصناعية: هي التجارب التي تتم في ظروف صناعية يتم وضعها من جانب الباحث. التجربة الطبيعية: هي التجارب إلى تتم في ظروف طبيعية دون أن يحاول الباحث ان يتدخل فيها أو ان يصنع لها ظروف خاصة.
- 2-تجارب تستخدم فيها مجموعة من الأفراد، والتجارب تستخدم فيها أكثر من مجموعة
في النوع الأول من هذا التجارب يلجأ الباحث إلى مجموعة واحدة من الأفراد يقيس اتجاهاتهم بالنسبة لموضوع معين ثم يدخل المتغير التجريبى الذي يرغب في معرفة اثره وبعد ذلك يقيس اتجاه أفراد المجموعة للمرة الثانية، فإذا وجد أن هناك فروقاً جوهرية في نتائج القياس في المرتين يفترض انها ترجع إلى المتغير التجريبى.
اما النوع الثاني فيلجأ الباحث إلى استخدام مجموعتين من الأفراد يطلق على أحدهما (المجموعة التجريبية) ويطلق على الأخرى (المجموعة الضابطة) ويفترض فيهما التكافؤ من حيث المتغيرات المهمة في الدراسة، ثم يدخل المتغير التجريبى الذي يرغب في معرفة اثره على المجموعة الضابطة وبعد انتهاء التجربة تقاس المجموعتان ويعتبر الفرق في النتائج بين المجموعتين راجعاً إلى المتغير التجريبى.
- 3-تجارب التوزيع العشوائي
تعتمد الطريقتان السابقتين على الافتراض بأننا نعرف كل المتغيرات المهمة في الدراسة وهذا افتراض يصعب التحقق منه ولذلك يلجأ الباحث إلى توزيع الأفراد عشوائياً على كل من الجماعتين التجريبة والضابطة أي يتم توزيع الأفراد بطريقة تتيح لكل منهم فرصا متكافئة للالتحاق بإحدى الجماعتين ثم نقوم بإجراءالتجربة.
متطلبات التصميم الجيد للتجربة
- الاعتماد على أكثر من تجربة
- استخدام أدوات جمع بيانات صحيحة وقوية التصميم
- لابد من التحقق من كافة المتغيرات التي قد تؤثر على النتائج
- اختيار الموضوعات التي تمثل المجتمع بطريقة جيدة
- عدم تحيز القائم بالتجريب
مميزات المنهج التجريبي
- يعتبر المنهج التجريبي بصفة عامة هو أكثر البحوث صلابة وصرامة.
- القدرة على دعم العلاقات السببية.
- التحكم في التأثيرات المتبادلة على المتغير التابع.
- يعتبر من أكثر المناهج دقة وانتشارا في العلوم الطبيعية.
عيوب المنهج التجريبي
- التجارب أغلبها مصطنعة ولاتعكس مواقف الحياة الحقيقية
المصادر
- أحمد بدر. مناهج البحث في علم المعلومات والمكتبات. ــ الرياض: دار المريخ، 1998
- شعبان عبد العزيز خليفة. المحاورات في مناهج البحث في علم المكتبات والمعلومات. ــ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 1998
- محمد فتحى عبد الهادي. البحث ومناهجه في علم المكتبات والمعلومات. ـ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2005
مراجع أخرى يمكن الرجوع إليها
- غريب سيد أحمد، عبد الباسط عبد المعطى.تصميم وتنفيذ البحوث الاجتماعية. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية
- محمد على محمد.البحث الاجتماعى[دراسة في طرائق البحث واساليبة].
- على جلبى، نادية عمر، محمد بيومى.مناهج البحث الاجتماعي
- إبراهيم أبو لغد، لويس مليكة.البحث الاجتماعى ومناهجة.