فتح قلعة الروم
وقع فتح قلعة الروم أو حصار قلعة الروم في عام 1292 وأدى إلى خسارة مملكة أرمينيا الصغرى قلعة الروم لصالح السلطنة المملوكية المصرية.[1][2][3]
فتح قلعة الروم | |||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
قلعة الروم | |||||||||
معلومات عامة | |||||||||
| |||||||||
المتحاربون | |||||||||
السلطنة المملوكية المصرية | مملكة أرمينيا الصغرى الدولة الإلخانية | ||||||||
القادة | |||||||||
الأشرف صلاح الدين خليل ابن السلعوس سنجر الشجاعي |
غير معروف | ||||||||
الخلفية
وفي خضم الحروب الضارية بين سلطنة مصر المملوكية من جهة ومغول الإلخانات والصليبيين من جهة أخرى، كان هناك طرف اخر يطعن المصريين من الخلف دائمًا بالرغم من ارتباطه معهم بمعاهدات ومواثيق وهذا الطرف كان مملكة أرمينيا الصغرى، وهي مملكة أرمنية في جنوب الأناضول (جنوب تركيا حاليًا). وعندما كان المغول يستعدون لغزو مصر دعمهم الأرمن. وقد تم القضاء على هذه القوات مع المغول على يد المصريين في معركة عين جالوت (1260)، وفي جميع المعارك التي تعاون فيها الأرمن مع المغول أو الصليبيين بعد ذلك.[4][5][6]
بعد أن فتح العسكر المصري مدينة عكا التي كانت تعتبر أهم دولة صليبية ووريثة عرش مملكة بيت المقدس، كانت هناك قلعة أرمنية تسمى قلعة الروم (Rumkale أي "القلعة الرومانية"). كانت هذه القلعة مهمة جدًا بالنسبة للأرمن لأنها كانت مقرًا للبطريرك الأرمني. كما أنها كانت ملجأ للمغول والصليبيين الذين فروا من جيش مصر في الشام. قامت قوات القلعة، بقيادة البطريرك الأرمني ستيفانوس الرابع، سرًا بشن غارات على قوافل المصريين والمسلمين والقرى الريفية، في انتهاك لمعاهدة مع السلطان المصري المنصور سيف الدين قلاوون.[1][3]
وعلم نائب مدينة حلب من خلال جواسيسه بهذه الانتهاكات للمعاهدة. وفي عام 1292، تم إرسال تقرير مفصل إلى السلطان الأشرف صلاح الدين خليل، الذي كان لا يزال عائداً إلى مصر بعد فتح عكا. أمر السلطان بالنفير العام (تعبئة عامة) في جميع أنحاء مصر والدعوة المعتادة للمتطوعة في مصر للانضمام إلى حملة ضد قلعة الروم. وكان الخطباء في المساجد يلقون خطبًا لتشجيع المصريين على الانضمام إلى الجهاد وتذكيرهم بطعن الأرمن المتكرر لمصر. ويذكر تقي الدين المقريزي أن أبرز الدعاة هو الخليفة العباسي، الحاكم بأمر الله الأول، الذي ألقى خطبة صاعقة في مسجد القلعة.[1][3]
الحصار
وخرج السلطان الأشرف خليل برفقة وزيره ابن السلعوس[7][8] على رأس العسكر المصري المتعطش لمواجهة الأرمن وتأديبهم. ووصل الجيش المصري إلى مدينة دمشق، ثم انتقل إلى حلب. ومن حلب وصل إلى أسوار قلعة الروم التي صدم سكانها ومقاتلوها الأرمن والمغول من وجود الجيش المصري خارج أسوار المدينة. لكن رغم الرعب داخل أسوار القلعة، إلا أن المدينة كانت منيعة جدًا بسبب نهر الفرات ونهر مرزبان اللذين كانا يحيطان بالقلعة من كل نقطة، وطبيعتها الجبلية، بالإضافة إلى قوة أسوارها وارتفاعها. كل هذه العوامل جعلت منها قلعة أكثر هيبة وقوة من قلعة عكا التي فتحها المصريون بصعوبة كبيرة.[1][3]
ولم يستسلم العسكر المصري وبدأ في تنفيذ خطة كانت في غاية الذكاء وصعبة في نفس الوقت. وفي محاولة للتضييق على سكان القلعة من الأرمن والمغول وإجبارهم على الاستسلام، قامت القوات المصرية بسحب مياه نهر الفرات نحو الأودية فامتلئت بالمياه. ومع وجود نهر مرزبان، عرف المصريون أنهم يستطيعون السيطرة على القلعة من جميع الجهات. تم نشر 30 منجنيقًا وبدأت في هدم أسوار المدينة أثناء الحصار المصري عليها، واستمرت المنجنيقات في ضرب أسوار القلعة دون توقف لمدة شهر حتى ثقبت أسوار المدينة من جوانب عديدة. وحينها أمر الأمير سنجر الشجاعي، نائب دمشق، بصنع سلسلة وتشبيكها في هذه الثقوب. فصعدها الجنود المصريون في معركة ملحمية عظيمة، وقاتلوا بها بشدة. تم فتح القلعة يوم السبت الحادي عشر من رجب سنة 691 هجرية، الموافق 1292 م.[1][3]
ما بعد المعركة
وبعد دخول المصريين إلى القلعة، اقتحموا مقر بطريرك الأرمن استفانوس الرابع الذي كان يهاجم القوافل والقرى المصرية ويحمي المغول، وتم القبض عليه.[1][3] يقول المؤرخ محمد كرد علي:
"وقد ذهب الملك الأشرف سنة 691 من الهجرة في عساكره المصرية وقصد قلعة الروم وهى على جانب الفرات يقيم بها خليفة الأرمن كيتاغيكوس، فأخذه ومن معه أسرى، ورم ما تخرب من هذه القلعة الحصينة."[3]
واستمر حصار الجيش المصري للقلعة 33 يومًا، وبعد فتحها أطلق عليها السلطان الأشرف خليل اسم قلعة المسلمين بدلًا من اسمها القديم قلعة الروم. وعرفت بهذا الاسم، وأمر السلطان خليل بإعادة بناء كل ما تهدم في القلعة ورفع أعلام سلطنة مصر عليها من كل جانب.[1][3]
ترك السلطان خليل الأمير سنجر الشجاعي في القلعة وعاد إلى دمشق مع الأسرى. وودع سكان دمشق السلطان المنتصر وهو في طريقه إلى القاهرة ليلاً بآلاف الشموع المضاءة. وعاد الجيش المصري وعلى رأسه السلطان الأشرف خليل، ودخل القاهرة ليلاً من باب النصر حسب العادة المصرية القديمة. واستقبل الجيش المصري عشرات الآلاف من المصريين الذين أشعلوا آلاف الشموع وعلقوا الزينة. واصلت النساء الزغاريد وارتفعت أصوات التكبير والتهليل.[1][3]
المراجع
- تقي الدين المقريزي (1997)، السلوك لمعرفة دول الملوك، الجزء الثاني، صفحات 233, 234, 235. بيروت: دار الكتب العلمية.
- Stewart, A. D. (2006). Qal'at al-Rūm/Hromgla/Rumkale and the Mamluk Siege of 691ah/1292ce. In H. N. Kennedy (Ed.), Muslim Military Architecture in Greater Syria: From the Coming of Islam to the Ottoman Period (pp. 269-280). Brill.
- محمد كرد علي (1928)، خطط الشام، الجزء الثاني، صفحة 136. دمشق: المطبعة الحديثة.
- Conermann 2008, p. 5.
- Kurkjian, p. 206
- محمد أحمد دهمان، ولاة دمشق في عهد المماليك، صفحة 122. دار الفكر للمعاصر للنشر والتوزيع.
- Stewart 2001, p. 75
- Nicolle 2005, p. 26.