صعاليك

الصعاليك اسم جمع ومفرده صعلوك، يُطلق على جماعة من العرب في عصر ما قبل الإسلام، عاشوا وأطلقوا حركتهم في الجزيرة العربية؛ وينتمون لقبائل مختلفة، عُرفوا بعدم انتمائهم لسلطة قبائلهم وواجباتها، حيث انشقوا عنها أو طُردوا منها. ومعظم أفراد هذه الجماعة من الشعراء المجيدين وقصائدهم تعدّ من عيون الشعر العربي.

صعاليك
معلومات شخصية
الحياة العملية
المهنة شاعر 
بوابة الأدب

تاريخهم

حدد الدكتور شوقي ضيف في كتابه العصر الجاهلي معنى الصعلوك لغة بأنه الفقير الذي لايملك المال الذي يساعده على العيش وتحمل أعباء الحياة، مؤكداً أن هذه اللفظة تجاوزت دلالاتها اللغوية وأخذت معاني أخرى كقطاع الطرق الذين يقومون بعمليات السلب والنهب.

امتهن الصعاليك غزو القبائل بقصد الاخذ من الاغنياء وإعطاء المنبوذين أو الفقراء، ولم يعترفوا بالمعاهدات أو الاتفاقيات بين قبائلهم والقبائل الأخرى ما أدى إلى طردهم من قبل قبائلهم، وبالتالي عاشوا حياة ثورية تحارب الفقر والاضطهاد وتسعى للتحرر في شكله المتمرد.

واصطبغت أدبيات الصعاليك برؤيتهم عن الحياة فجاءت معظم قصائدهم تحكي عن شجاعتهم وقدرتهم وتحديهم للمجتمع. وشعرهم يمتاز بقوة العاطفة وسعة الخيال وفيه من الحكمة الشيء الكثير. ومن مميزات شعرهم الخلو من المقدمات الطللية فكانوا أول من كسر بنية القصيدة الجاهلية كما خلا شعرهم من المدح والطول فانتهجوا شعرا جديدا.

أقسام الصعاليك

ويمكن تقسيم الصعاليك إلى ثلاثة فئات:

  1. فئة الخلعاء الشذاذ وهم الذين خلعتهم قبائلهم بسبب أعمالهم التي لاتتوافق مع أعراف القبائل التي ينتمون إليها، مثل: حاجز الأزدي، قيس الحدادية والبراض بن قيس الكناني.
  2. وفئة أبناء الحبشيات السود ممن نبذهم آباءهم ولم يلحقوهم بأنسابهم، مثل: السليك بن السلكة، وتأبط شرا، والشنفرى.
  3. وفئة احترفت الصعلكة احترافاً وحولتها إلى ما يفوق الفروسية من خلال الأعمال الإيجابية التي كانوا يقومون بها، مثل: عروة بن الورد.

أشعارهم وصفاتهم

وما يلفت النظر في أشعار هؤلاء الصعاليك ترديد صيحات الفقر والجوع والحرمان.. كما كانوا ناقمين وثائرين على الأغنياء والأشحاء وامتازوا بالشجاعة والصبر وقوة البأس والمضاء وسرعة العدو وقد ضرب بهم المثل في شدة العدو حتى قيل «أعدى من السليك» و«أعدى من الشنفرى».

كانت غاراتهم تتركز في المناطق الخصبة وترصد قوافل التجارة وقوافل الحجاج القاصدة مكة المكرمة، وكثيراً ما تغنوا بكرمهم وبرهم بأقاربهم؛ لأن ما يحصلون عليه كان يوزع على الأهل والأقارب المحتاجين، كما اتسمت لغتهم الشعرية بالترفع والسمو والشعور بالكرامة في الحياة وهذا ما نجده عند أبي خراش الهذلي القائل:

وإني لأثوي الجوع حتى يملني
فيذهب لم يدنس ثيابي ولاجرمي
وأغتبق الماء القراح فانتهي
إذا الزاد أمسى للمز لج ذا طعم
أرد شجاع البطن قد تعلمينه
وأوثر غيري من عيالك بالطعم
مخافة أن أحيا برغم وذلة
وللموت خير من حياة على رغم

فهو الصابر على الجوع ويكفيه الماء الصافي بينما يصاب كل من حوله من أشحاء النفوس بتخمة الطعام وإذا ما وجد الطعام فضل إطعامه لغيره ويعني هنا أولاده دون أن يمسه وكل ما يعمله من أجل ألا يوصم بالعار والمذلة.

والحقيقة أن الصعلكة أخذت شكلاً إيجابياً رغم أنها قامت على السلب والنهب، لأن المقصد من هذا الفعل كان يرمي إلى إطعام الفقراء من أموال الأغنياء وكأنهم يؤكدون أن للفقير حقا في مال الغني.

ميزة أخرى غلبت على هؤلاء الصعاليك وهي عدم تعرضهم في غاراتهم وغزواتهم للأسياد الشرفاء وإنما للأغنياء الأشحاء وهذا المبدأ تمثله سيد الصعاليك عروة بن الورد. كما عرف عن هؤلاء الصعاليك اعتزازهم بأنفسهم وهذا الاعتزاز نابع من مدى قناعتهم بالفعل الذي يقومون به، يقول الشنفرى:

وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل

حتى أنه يفضل أن يستف التراب على أن يتفضل عليه إنسان لأنه يملك نفساً حرة أبية تأبى الضيم:

أديم مطال الجوع حتى أميته
وأضرب عنه الذكر صفحاً فأذهل
وأستف ترب الأرض كي لايرى له
علي من الطول امرؤ متطول

كما أنهم أضفوا على أنفسهم صفة الكرم إلى حد الافراط حتى أن تأبط شرا لم يبق على شيء لغده:

يقول أهلكت مالاً لو قنعت به
من ثوب صدق ومن بز وإعلاق
عاذلتي إن بعض اللوم معنفة
وهل متاع إن أبقيته باق

ونأتي إلى سيد الصعاليك عروة بن الورد العبسي إذ كان أبوه من شجعان قبيلته وأشرافهم كما كان له دور البارز في حرب داحس و الغبراء. أما أمه فكانت من نهد من قضاعة وهي عشيرة وضيعة وهذا ما جعل عروة يشعر بالعار وقد عبر عنه بقوله:

وما بي من عار إخال علمته
سوى أن أخوالي إذا نسبوا نهد

ويبدو أن هذا العار الذي كان يحسه هو الذي دفعه إلى دروب الصعلكة والثورة على الأغنياء. وعروة لم يخلع من قبيلته كغيره من الشعراء الصعاليك وإنما ظل يحتل مكانة كبيرة فيها، وقد اتصفت صعلكته بكل جوانب المروءة والإخاء والتعاون والتضامن الاجتماعي، إذ كان يغير على القوافل ليس بقصد السلب والنهب وإنما كان يغزو لإعانة الفقراء والمرضى والمحتاجين والمستضعفين من قبيلته وهؤلاء كانوا دوماً يصرخون بأعلى أصواتهم: «أغثنا يا أبا الصعاليك».

ولأنه لم يكن يغير إلا على الأغنياء الذين عرفوا بالشح والبخل وعدم مد يد المعونة إلى أحد وخاصة المحتاج لذلك اكتسبت صعلكته نبلاً أخلاقياً أكبر من الفروسية حتى أن عبد الملك بن مروان كان يقول: » من زعم أن حاتماً أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد«وعروة هو القائل:

أفرق جسمي في جسوم كثيرة
وأحسو قراح الماء والماء بارد

وهو الذي لايستطيع القعود عن الغزوات لأن عليه حقوقاً وواجبات يجب أن يؤديها إلى المحتاجين من قبيلته ونسائها المعوزات لهذا فهو يكره الصعلوك الخامل بل يحب الصعلوك المشرق الوجه وفيه يقول:

ولله صعلوك صحيفة وجهه
كضوء شهاب القابس المتنور
مطلاً على أعدائه يزجرونه
بساحتهم زجر المنيح المشهر
وإن بعدوا لايأمنون اقترابه
تشوف أهل الغائب المتنظر
فذلك إن يلق المنية يلقها
حميداً وإن يستغن يوماً فأجدر

وهكذا نجد أن عروة بن الورد كان صعلوكاً شريفاً وشجاعاً ومقداماً وقد استطاع أن يجعل من الصعلكة ما رفعها إلى درجة المروءة والسيادة لأن الغرض منها كان نداءً يدعو للتضامن والتكافل الاجتماعي الذي يراد منه في النهاية الخير للجميع وخاصة الناس المعوزين من الأهل والأقارب بل هي تأكيد بأن للفقراء حق في مال الأغنياء

من أشهر الصعاليك

نقمت على المرء الكلابي فخره
وكنت قديما لا أقر فخارا
علوت بحد السيف مفرق رأسه
فأسمع أهل الواديين خوارا
  • الأحيمر السعدي: من بني تميم. شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان لصاً فاتكاً مارداً، من أهل بادية الشام. وهو صاحب البيت السائر على كل لسان:
عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذْ عَوى
وَصَـوَّتَ إِنسانٌ فَكِدتُ أَطـيرُ
لَقَد خِفتُ حَتَّى لَو تَمُرُّ حَمامَةٌ
لَـقُلتُ عَدُوٌّ أَو طَليعَةُ مَعشَرِ
ولم أرَ مثلَ الفقرِ ضاجعَهُ الفتى
ولا كسواد الليلِ أخفقَ طالبُهْ

المراجع

  1. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، 5990

المصادر

وصلات خارجية

  • أيقونة بوابةبوابة الجاهلية
  • أيقونة بوابةبوابة أدب عربي
  • أيقونة بوابةبوابة شعر
  • أيقونة بوابةبوابة أعلام
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.