حرب المائة عام
حرب المائة عام صراع طويل بين فرنسا وإنجلترا، وقد دام 116 سنةَ مِنْ 1337 إلى 1453.[1][2][3] ادّعى الملوكُ الإنجليزُ العرشُ الفرنسيُ وكافحوا من أجله. هذه الحرب قوطعتْ بعِدّة فترات طويلة مِنْ السلامِ قَبْلَ أَنْ تنتهي بطردِ الإنجليزِ مِنْ فرنسا بعدَ مَعْرَكة كاسِتيلونْ، باستثناء كاليه. وكانت الحرب سلسلة من النزاعاتِ ومقسمةُ إلى أربع مراحلِ:
- الحرب الإدواردية (1337-1360)
- حرب كارولين (1369-1389)
- أزمة 1383-85 (1383-1385)
- حرب لانكاستريان (1415-1429)
حرب المائة عام | |||||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
معلومات عامة | |||||||||||||
| |||||||||||||
المتحاربون | |||||||||||||
فرنسا تاج قشتالة مملكة اسكتلندا |
مملكة إنجلترا مملكة البرتغال | ||||||||||||
والهبوط البطيئ للحظوظ الإنجليزيةِ بعد ظهورِ جوان. أما بالنسبة لتعبير «حرب المائة عام» فقد كَان تعبيرا تاريخيا اصطلح لاحقاً مِن قِبل المؤرخين لوَصْف سلسلةِ الأحداثِ. وتَستمد الحربُ أهميتُها التأريخيةُ إلى عدد مِنْ العواملِ. ومع ذلك كانت أساساً نزاع ما بين السلالات الحاكمة، وساعدتْ الحربَ على تَطوير الشعور الوطني لكل من الفرنسيين والإنجليز. وكانت مقدمةَ للأسلحةِ والوسائلِ الجديدةِ، التي غيّرت النظامَ الأقدمَ للجيوشِ الإقطاعيةِ والذي كان يسيطرَ عليه سلاحِ الفرسان الثقيلِ. والذي كان يعتبر الجيوش الدائمية الأولى في أوروبا الغربية منذ زمن الإمبراطورية الرومانية، لذا تغير دور طبقةِ الفلاحين. كُلّ هذا، بالإضافة إلى المدّة الطويلةِ، جعل المؤرخين يعتبرونها في أغلب الأحيان كأحد النزاعاتَ الأهمَّ في تأريخِ الحروبِ في القرون الوسطى.
تعدّى تأثير هذه الحرب إلى ممالك ودوقيات مجاورة، وتعتبر تلك الحرب أطول الحروب الأوروبية وتعتبر تلك الفترة التي امتدت بها الحرب نهاية للعصور الوسطى وبداية للعصور الحديثة. حيث كانت إنجلترا وفرنسا تحت حكم أنظمة ملكية تقلبت بين القوة والضعف ففي فرنسا كانت الملكية تعاني من قلة الموارد والصراع بين النبلاء والإقطاعيين ورجال الدين وعامة الشعب ويتفاوت هذا الصراع ويتباين بالنظر إلي حال الجالس على العرش، وقد حكم فرنسا خلال حرب المائة عام خمسة ملوك أهمهم فيليب السادسوشارل الخامس حتى شارل السابع واعتمدت فرنسا على الضرائب المختلفة وفي الحكم على مجلس الدولة وأعوانه ومجلس طبقات الأمة. ولم تختلف أنجلترا عن ذلك كثيرا فقد اعتمدت على الزراعة وتربية الأغنام وتجارة الصوف وكانت إنجلترا تابعة لملك فرنسا، وحكم أنجلترا من الملوك أثناء الحرب خمسة هم إدوارد الثالث وريتشارد الثاني وهنري الرابع حتى هنري السادس وعانى ملوك أنجلترا من كثير من المشاكل الداخلية في العلاقات مع اسكتلندا وأيرلندا وتنظيم الدخل والعلاقات مع النبلاء والإقطاعيين ورجال الدين.
أصل النزاع
ترجع الأسباب الجذرية للنزاع للأزمات الديموغرافية والاقتصادية والسياسية في أوروبا في القرن الرابع عشر. كان الدافع وراء اندلاع الحرب هو الارتفاع التدريجي في التوتر بين ملوك فرنسا وإنجلترا حول غشكونية وفلانديرز واسكتلندا. شكّلت القضية المتعلقة بالأسرة الحاكمة والتي نشأت بسبب انقطاع الخط الذكوري المباشر لكابيتيون الذريعة الرئيسية.
اضطراب الأسرة الحاكمة في فرنسا: 1316- 1328
أُثيرت مسألة وراثة الإناث للعرش الفرنسي بعد وفاة لويس العاشر في عام 1316. لم يترك لويس العاشر بعد وفاته سوى ابنة، بينما توفي طفله جون الأول بعد أيام من ولادته. علاوة على ذلك، كانت أُبوة ابنته موضع تساؤل، إذ تورطت والدتها مارغريت من بورغندي وهي زانية في فضيحة تور دو نيل أفير. نصَّب فيليب، وهو كونت بواتييه وشقيق لويس، العاشر نفسه ملكًا على العرش، متذرعًا بأن المرأة يجب ألا تكون مؤهلة للوصول إلى العرش الفرنسي، وبسبب حنكته السياسية فاز على خصومه ووصل إلى العرش بصفته فيليب الخامس. حُرمت بناته من وراثة عرشه بموجب القانون الذي وضعه مسبقًا، فانتقل العرش إلى شقيقه الأصغر، تشارلز الرابع في عام 1322.[4]
توفي تشارلز الرابع في عام 1328، تاركًا ابنته وزوجته الحامل. أوصى تشارلز بأن يُعين المولود ملكًا في حال كان ذكرًا، وإن لم يكن كذلك، يعود أمر اختيار خلفه للنبلاء. انتهى الأمر بأن أنجبت زوجته فتاة مما أدّى إلى انقراض سلالة الذكور الرئيسية لعائلة كابيت.
كان أقرب وريث ذكر لتشارلز الرابع هو ابن أخيه إدوارد الثالث من إنجلترا، ابن إيزابيلا شقيقة تشارلز الرابع، لكن الشكوك كانت تدور حول ما إذا كانت إيزابيلا قادرة على نقل الحق في وراثة ما لم تكن تملكه أساسًا. وعلاوة على ذلك، أحجمت طبقة النبلاء الفرنسيين عن احتمال حكم إيزابيل وعشيقها روجر مورتيمر، اللذان اشتُبه بهما على نطاق واسع في قتل الملك الإنجليزي السابق، إدوارد الثاني. قررت جمعيات البارونات والأساقفة الفرنسيين وجامعة باريس استبعاد الذكور الذين يستمدون حقهم في الميراث عن طريقة أمهاتهم. بالتالي أصبح أقرب وريث من الأسلاف الذكور هو ابن عم تشارلز الرابع فيليب، كونت فالوا وتقرر بأنه يجب أن يُتوج ليكون فيليب السادس. أكدت باباوية أفينيون في عام 1340 أنه بموجب القانون السالي، يجب ألا يكون الذكور قادرين أن يرثوا من خلال أمهاتهم.[5][4]
الخلاف حول غويين: مشكلة السيادة
يمكن إرجاع التوتر بين كل من الملكية الفرنسية والإنجليزية إلى غزو النورمان لإنجلترا في عام 1066، إذ استولى دوق نورماندي على العرش الإنجليزي وهو تابع لملك فرنسا. نتيجة لذلك، أصبح تاج إنكلترا تحت يد سلسلة من النبلاء الذين يمتلكون بالفعل أراض في فرنسا، الأمر الذي وضعهم بين أقوى رعايا الملك الفرنسي، وكان بإمكانهم الاستفادة من القوة الاقتصادية لإنجلترا لفرض مصالحهم في البر الرئيسي. هدد ذلك بشكل خطير السلطة الملكية لملوك فرنسا، ولذلك فقد حاولوا باستمرار تفويض الحكم الإنجليزي في فرنسا، في حين أن الملوك الإنجليز كانوا يكافحون لحماية وتوسيع أراضيهم. شكل هذا الصدام بين المصالح السبب الأساسي للكثير من النزاعات بين الملكيتين الفرنسية والإنجليزية التي استمرت طوال فترة العصور الوسطى.
انتهت سلالة الأنجلو نورمان التي حكمت إنجلترا منذ غزو النورمان في عام 1066 عندما أصبح هنري، ابن جيفري من أنجو والإمبراطورة ماتيلدا والحفيد الأكبر لوليام الفاتح، أوائل ملوك إنجلترا في عام 1154 باسم هنري الثاني. سيطر الملوك الأنجويون بشكل مباشر على الإمبراطورية الأنجوية، وهي منطقة فرنسية أكثر من ملوك فرنسا بأنفسهم. امتلك الأنجويون منذ القرن الحادي عشر استقلالًا داخل نطاقاتهم الفرنسية، مما أدّى إلى تحييد القضية.
ورث الملك جون الإنجليزي مناطق أنجو من شقيقه ريتشارد الأول. مع ذلك، عمل فيليب الثاني ملك فرنسا على استغلال نقاط ضعف جون قانونيًا وعسكريًا، وبحلول عام 1204 نجح في السيطرة على الكثير من ممتلكات أنجو القارية. أصبحت ملكية الملك الإنجليزي مثل دوق آكيتاين (غويين) في القارة محدودة واقتصرت على المقاطعات في جاسكوني، وذلك بعد عهد جون وبعد كل من معركة بوفين (1214) وحرب سينتونج (1242) وأخيرًا حرب سانت ساردوس (1324).[6][7]
يُعتبر الخلاف حول غويين أكثر أهمية من قضية السلالة الحاكمة فيما يتعلق باندلاع الحرب. شكلت غويين مشكلة كبيرة لملوك فرنسا وإنجلترا على حد سواء، إذ كان إدوارد الثالث تابعًا لفيليب السادس ملك فرنسا بسبب ممتلكاته الفرنسية وكان مطلوبًا منه الاعتراف بسيادة ملك فرنسا عليها. قد يخضع الحكم الصادر في غويين لاستئناف أمام المحكمة الملكية الفرنسية من الناحية العملية. لدى ملك فرنسا القدرة على إلغاء جميع القرارات القانونية التي يتخذها ملك إنجلترا في آكيتاين، وهو أمر لم يكن مقبولًا بالنسبة للإنجليز. لذلك، شكلت السيادة على غويين صراعًا كامنًا بين المملكتين لعدة أجيال.[8]
غزا تشارلز فالوا، والد فيليب السادس، آكيتاين أثناء حرب سانت ساردوس، نيابة عن تشارلز الرابع وغزا الدوقية بعد تمرد محلي، وبالتالي فقد اعتقد الفرنسيون أن إدوارد الثاني ملك إنجلترا قد حرضه عليهم. وافق تشارلز الرابع على مضض بأن يعيد هذه المنطقة في عام 1325. اضطر إدوارد الثاني أن يقدم عددًا من التنازلات بهدف استعادة الدوقية، وأرسل ابنه إدوارد الثالث لتقديم الولاء.
وافق ملك فرنسا على استعادة غويينن من دون أجين. إلا أن الفرنسيين أخّروا عملية إعادة الأراضي، الأمر الذي ساعد فيليب السادس. قدم إدوارد الثالث في 6 يونيو من عام 1329 الولاء لملك فرنسا. ذكر فيليب السادس أن احتفال تقديم الولاء هذا لم يكن بسبب الإقطاعيات التي فصلها تشارلز الرابع عن دوقية غويين (خاصة أجين). لم يعن هذا التكريم بالنسبة لإدوارد التخلي عن مطالبته بالأراضي التي جرى ابتزازها.
أسباب حرب المائة عام
- السبب الأول للحرب سياسي يتعلق برغبة أنجلترا التخلص من التبعية لفرنسا.
- السبب الثاني الحرب الاقتصادية ذلك أن إنجلترا كانت تعتمد في جزء هام من اقتصادها على إمارة الفلاندر التي كان تصدر إليها صوف الغنم الإنجليزي والذي كان يجد له سوقا رائجا في الفلاندر بجانب العنب والنبيذ، كانت كونتيه الفلاندر أحد تبعيات ملك فرنسا ولكنها كانت شبه مستقلة ولكن ملك فرنسا تدخل كثيرا في شؤنها الداخلية واحتل بعضا من مدنها كما تدخل في حرية الكونت أمير الفلاندر فاشتكى الكونت بدوره لملك إنجلترا فما كان من ملك فرنسا سوى احتلالها فأصبح ملك أنجلترا في مأزق اضطراب باب أقتصادي كان مفتوحا للإقتصاد الإنجليزي.
- السبب الثالث يتعلق بشخص ملك فرنسا الذي كان ضعيفا مسرفا في إنفاقه، ومحبا للبذخ والحفلات الصاخبة ولم يحكم البلاد بنفسه بل ترك امرها لخاصته وحاشيته وتكالب على حفلاته ومجالسه الكثير من أصحاب المصالح والمنتفعين ورجال الدين والأعيان، فكان الملك دائم الإفلاس واستدان من الجميع حتى من الموظفين والضباط. كما أنه لم ينشئ جيشا نظاميا بل اكتفى بجيش مؤقت مرهون بموافقة السادة الاقطاعيين كما أنه لم يوجد سوى بعض الفرسان غير النظاميين وضعيفي العدّة، فكان هذا دافعا كبيرا لإغراء ملك إنجلترا للغزو.
- السبب الرابع على نقيض السبب الثالث، فقد كانت إنجلترا تتمتع بحكم ملك قوي وهو إدوارد الثالث الذي كان عمليا وواقعيا يخطط لأهدافه ويصر على الحصول عليها كما نجح في علاقاته الداخلية مع الأقطاعيين وأحكم سيطرته على نظام حكمه وشعبه ساعيا في اقتصاد بلاده والأهم من ذلك أنه كوّن جيشا نظاميا قويا مدربّا على أسس جديدة وكان أفراد الجيش علي قناعة بمهامهم وتكون الجيش من فرق رماة النبال والسهام وقوة ضاربة من سلاح المدفعية، وغير ذلك من وسائل التكتيك العسكري الحديث آنذاك. أضف إلى ذلك أسطولا قويا ضاربا. أمّا الجيش الفرنسي فقد كان على النقيض من ذلك تماما.
شجرة العائلة الفرنسية
بداية الحرب: 1337-1360
انتهاء الولاء الإقطاعي
في نهاية أبريل 1337، دُعي فيليب من فرنسا للقاء وفد إنجلترا لكنه رفض. أُعلن عن أرييه بان، وتعني حرفيًا «دعوة إلى السلاح»، في جميع أنحاء فرنسا بدءًا من 30 أبريل 1337. في مايو 1337، التقى فيليب «المجلس الأعظم» في باريس. واتُفق على أن دوقية أكيتين (أقطانيا)، غشكونية فعليًا، يجب أن تُردّ إلى يدَي الملك لأن إدوارد الثالث خرق التزاماته باعتباره مُقطَعًا بعد أن آوى «العدو اللدود» للملك فيليب روبرت دارتويس (روبرت الثالث).[9] رد إدوارد على مصادرة أقطانيا بتحدي حق فيليب في العرش الفرنسي.
بعد وفاة شارل الرابع، طالب إدوارد بالعرش الفرنسي، من خلال حق والدته إيزابيلا (شقيقة تشارلز الرابع)، ابنة فيليب الرابع. وبموجب ولاء إدوارد لفيليب السادس في 1329 كانت المطالبة بالعرش باطلة. أحيا إدوارد مطالبته ونال في 1340 لقب «ملك فرنسا والجيوش الملكية الفرنسية» رسميًا.[10]
في 26 يناير 1340، تلقى إدوارد الثالث رسميًا الولاء من غاي، الأخ غير الشقيق لكاونت فلاندرز. أعلنت السلطات المدنيّة في غنت ويبر (إيبرس) وبروج إدوارد ملكًا لفرنسا. أراد إدوارد تعزيز تحالفاته مع البلدان المنخفضة. سيكون أنصاره قادرين على الادعاء بأنهم موالون لملك فرنسا «الحقيقي» وليسوا متمردين على فيليب. في فبراير 1340، عاد إدوارد إلى إنجلترا لجمع المزيد من الأموال ومواجهة الصعوبات السياسية.[11]
ارتبطت العلاقات مع فلاندرز بتجارة الصوف الإنجليزي، إذ اعتمدت مدن فلاندرز الرئيسية كثيرًا على إنتاج النسيج وزودتها إنجلترا بالكثير من المواد الخام التي تحتاجها. أمر إدوارد الثالث بأن يجلس مستشاره على الصوف في المجلس رمزًا لمكانة تجارة الصوف.[12] بلغ عدد الأغنام حينها في ساسكس وحدها نحو 110,000.[13] أنتجت الأديرة الإنجليزية الكبيرة في العصور الوسطى كميات فائضة من الصوف بيعت لأوروبا القارية. وتمكنت الحكومات المتعاقبة من كسب الكثير من المال من خلال فرض الضرائب على هذه التجارة.[12] سببت قوة فرنسا البحرية اضطرابات اقتصادية في إنجلترا، ما أدى إلى تراجع تجارة الصوف إلى فلاندرز وشراء النبيذ من غشكونية.[14][15]
الاندلاع والقناة الإنكليزية وبروتاني
في 22 يونيو 1340، أبحر إدوارد وأسطوله من إنجلترا ووصل في اليوم التالي قبالة مصب نهر زوين. افترض الأسطول الفرنسي وجود تشكيل دفاعي قبالة ميناء سلاوس. خدع الأسطول الإنجليزي الفرنسيين موهمًا إياهم بانسحابه. حين تحولت الرياح في وقت متأخر من بعد الظهر، هاجم الإنجليز مدعومين بالرياح وبالشمس وراءهم. دُمر الأسطول الفرنسي بالكامل تقريبًا ضمن ما يعرف باسم معركة سلايس.
سيطرت إنجلترا على القناة الإنجليزية خلال ما بقي من الحرب، ومنعت الغزوات الفرنسية.[11] في هذه المرحلة، نفدت أموال إدوارد وكادت الحرب تنتهي لولا وفاة دوق بريتاني في عام 1341 ما عجل بنزاع الخلافة بين الأخ غير الشقيق للدوق الراحل، جون دوق مونفورت، وتشارلز دوق بلوا، ابن أخت فيليب السادس.[16]
في 1341، سبب الصراع على خلافة دوقية بريتاني اندلاع حرب خلافة بريطون، وفيها أيّد إدوارد جون دوق مونفورت ودعم فيليب تشارلز دوق بلوا. تأرجح الصراع في السنوات القليلة اللاحقة في بريتاني. تبدلت تبعية مدينة فان في بريتاني مرات متعددة، في حين لقيت حملات في غشكونية نجاحًا متفاوتًا لكلا الجانبين.[16] نجح دوق مونفورت المدعوم من الإنجليز في الاستيلاء على الدوقية ولكن ليس قبل 1364.[17]
معركة كريسي والاستيلاء على كاليه
في يوليو 1346، قاد إدوارد حملة كبيرة عبر القناة، ونزل في كوتينتين نورماندي، في سانت فاست. استولى الجيش الإنجليزي على مدينة كان في يوم واحد فقط، ما أثار دهشة الفرنسيين. حشد فيليب جيشًا كبيرًا لمواجهة إدوارد، الذي اختار أن يسير شمالًا نحو البلدان المنخفضة، ومارس أعمال النهب خلال الرحلة. وصل إلى نهر السين فوجد معظم المعابر مدمرة. وانتقل إلى الجنوب أكثر، واقترب من باريس بشكل مقلق، إلى أن وجد المعبر في بواسي. كان المعبر مدمرًا جزئيًا فقط، لذا تمكن النجارون في جيشه من إصلاحه. ثم واصل طريقه إلى فلاندرز حتى وصل إلى نهر سوم. عبر الجيش مخاضة مَدّية في بلانشيتاك، ما جعل جيش فيليب عالقًا. واصل إدوارد، مدعومًا بتلك البداية، طريقه إلى فلاندرز مجددًا، حتى وجد نفسه عاجزًا عن التفوق على فيليب، ثبّت إدوارد قواته متجهزًا للمعركة وهاجم جيشُ فيليب.
كانت معركة كريسي عام 1346 كارثة حقيقية بالنسبة للفرنسيين، والسبب في ذلك سلاح القوس الطويل والملك الفرنسي، الذي سمح لجيشه بالهجوم قبل أن يكون مستعدًا.[18] ناشد فيليب حلفاءه الإسكتلنديين للمساعدة في هجوم تضليلي ضد إنكلترا. استجاب الملك ديفيد الثاني ملك اسكتلندا بغزو شمال إنجلترا، ولكن جيشه هُزم وقُبض عليه في معركة نيفيل كروس، في 17 أكتوبر 1346. قلل هذا من التهديد الإسكتلندي بشكل كبير.[16][19]
في فرنسا، تقدم إدوارد شمالًا دون معاومة وحاصر مدينة كاليه على القناة الإنجليزية، واستولى عليها في 1347. أصبح هذا رصيدًا استراتيجيًا مهمًا للإنجليز، ما سمح لهم بالحفاظ على القوات بأمان في شمال فرنسا.[18] ستبقى كاليه تحت السيطرة الإنجليزية، حتى بعد نهاية حرب المئة عام، إلى أن ينجح الحصار الفرنسي عام 155.[20]
معركة بواتييه
بدأ الطاعون (الموت الأسود)، الذي وصل لتوه إلى باريس في 1348، بتدمير أوروبا.[21] في 1355، بعد أن رحل الطاعون وتمكنت إنجلترا من التعافي ماليًا،[22] قاد ابن الملك إدوارد وسميّه، أمير ويلز، الذي عرف لاحقًا باسم الأمير الأسود، شيفوتشيه (غزوة مسلحة مداهمة) من غشكونية إلى فرنسا، نهب خلالها أفينيونيه وكاسلنودري، وداهم كاركاسون، وسرق ناربون. في العام التالي وخلال شيفوتشيه أخرى دمر أوفيرن وليموزان وبيري لكنه فشل في الاستيلاء على بورج. وعرض شروط سلام على ملك فرنسا جان الثاني (المعروف باسم جان الطيب)، الذي كان قد حاصره قرب بواتييه، لكنه رفض تسليم نفسه ثمنًا لقبولهم السلم.
أدى ذلك إلى معركة بواتييه (19 سبتمبر 1356) وفيها غلب جيش الأمير الأسود الفرنسيين.[23] خلال المعركة، قاد النبيل الغشكوني جان دو غراي، كابتال دو بوش، وحدة فرسان كانت مخبأة في غابة. احتُوي التقدم الفرنسي، وعند هذه النقطة قاد دي غراي حركة محاوَطة مع فرسانه فقطع التراجع الفرنسي وقبض على الملك جان والكثير من نبلائه.[24][25] بعد أسر جان، تولى ابنه دوفين (الذي أصبح لاحقًا تشارلز الخامس) صلاحيات الملك باعتباره الوصي.[26]
بعد معركة بواتييه، هاج الكثير من النبلاء والمرتزقة الفرنسيين، وسادت الفوضى. وهذا ما رواه تقرير معاصر:
... باتوا كلهم مرضى بمرض المملكة وتفككت الدولة. فاع اللصوص والسُراق في كل مكان في الأرض. احتقر النبلاء وكرهوا بعضهم البعض ولم يفكروا في منفعة اللورد والرجال أو ربحهم. أخضعوا الفلاحين ورجال القرى ونهبوهم. ولم يدافعوا عن بلدهم من أعدائه بأي حكمة؛ بل إنهم داسوه تحت الأقدام، باللصوصية والنهب وسرقة ما ينتجه الفلاحون... من سجلات جان دو فينيت[27]
مراجع
- "معلومات عن حرب المائة عام على موقع aleph.nkp.cz". aleph.nkp.cz. مؤرشف من الأصل في 2019-08-26.
- "معلومات عن حرب المائة عام على موقع britannica.com". britannica.com. مؤرشف من الأصل في 2019-06-13.
- "معلومات عن حرب المائة عام على موقع hls-dhs-dss.ch". hls-dhs-dss.ch. مؤرشف من الأصل في 2018-11-24.
- Brissaud 1915، صفحات 329–330.
- Previté-Orton 1978، صفحة 872.
- Bartlett 2000، صفحة 22.
- Bartlett 2000، صفحة 17.
- Gormley 2007.
- Sumption 1999، صفحة 184.
- Prestwich 2003، صفحات 149–150.
- Prestwich 2007، صفحات 307–312.
- Friar 2004، صفحات 480–481.
- R.E.Glassock. England circa 1334 in Darby 1976، صفحة 160
- Sumption 1999، صفحات 188–189.
- Sumption 1999، صفحات 233–234.
- Rogers 2010، صفحات 88–89.
- Auray, France (بالإنجليزية). Encyclopedia Britannica. Archived from the original on 15 أبريل 2018. Retrieved 14 أبريل 2018.
- Prestwich 2007، صفحات 318–319.
- Rogers 2010، صفحات 55–45.
- Grummitt 2008، صفحة 1.
- The Black Death, transl. & ed. Rosemay Horrox, (Manchester University Press, 1994), 9.
- Hewitt 2004، صفحة 1.
- Hunt 1903، صفحة 388.
- Le Patourel 1984، صفحات 20–21.
- Wilson 2011، صفحة 218.
- Guignebert 1930، Volume 1. pp. 304–307.
- Venette 1953، صفحة 66.
- بوابة إنجلترا
- بوابة الحرب
- بوابة المملكة المتحدة
- بوابة فرنسا
- بوابة مملكة فرنسا