جراحة مجسمة

الجراحة المجسمة هي نظام ثلاثي الابعاد يوفر الحد الأدني من التدخل الجراحي، حيث يستخدم احداثيات النظام ثلاثي الأبعاد لتحديد موضع الأهداف الصغيرة داخل الجسم وإجراء بعض الإجراءات مثل الإجتثاث، وخزعة، والحقن، وبعض الجراحات الإشعاعية، الخ.[1][2][3] من الناحية النظرية، أي جهاز داخل الجسم يمكن أن يخضع لعملية جراحية مجسمة. ومع ذلك، فإن الصعوبات في إنشاء إطار مرجعي يمكن الاعتماد عليه مثل العظام والتي تحمل علاقة مكانية ثابتة مع الأنسجة الرخوة، وهذا يعني أن تطبيقاتها كانت ولا زالت وحتى وقت قريب تقتصر على جراحة المخ.[4] إلى جانب الدماغ، يتم إجراء خزعة وجراحة علي الثدي بشكل روتيني لتحديد موقع الورم، وأخذ عينة (خزعة) وإزالة الأنسجة.[5] يمكن أيضا استخدام صور الأشعة السينية العادية (التصوير الشعاعي)، والتصوير المقطعي، وتصوير بالرنين المغناطيسي.[6][7]

جراحة مجسمة
Stereotactic surgery
خزعة دماغية باستعمال إبرة إرساء في أداة توضيع تجسيمي


معلومات عامة
من أنواع إجراء جراحي  

تاريخها

تم تطوير الأسلوب المجسم لأول مرة في عام 1908 في مستشفى جامعة لندن من قبل اثنين من العلماء البريطانيين، السير فيكتور هورسلي، الطبيب وجراح أعصاب، وروبرت كلارك، عالم الفيزيولوجي. (جهاز هورسلي-كلارك) الذي طوراه تم استخدامه تجريباً علي الحيوانات وتم تنفيذ الديكارتية (محور ثلاثي متعامد). وضعت تصاميم محسنة من الجهاز الأصلي ودخلت حيز الاستخدام في ثلاثينات القرن الماضي لتجارب الحيوانات ولا تزال تستخدم على نطاق واسع اليوم في جميع المختبرات.[8][9][10][11][12][13][14]

كان استخدام جهاز هورسلي كلارك للأدمغة البشرية صعبا بسبب عدم القدرة على تصور التفاصيل التشريحية داخل الجمجمة عبر التصوير الشعاعي. ومع ذلك، فإن التصوير الشعاعي المتناقض للدماغ (تصوير الرئة والبطين الدماغي) يسمح برؤية النقاط المرجعية والمعالم التشريحية داخل الجمجمة.[15][16][17][18][19]

التقنية

الجراحة المجسمة تعمل على أساس ثلاثة مكونات رئيسية هي:

  • نظام تخطيط المجسم، بما في ذلك أطلس، وأدوات لمطابقة الصور متعددة الوسائط، وآلة حاسبة للتنسيق، وما إلى ذلك.
  • جهاز مجسم
  • تقنية لتحديد المكان بصورة ثلاثية الأبعاد

العلاج

الجراحة الإشعاعية المجسمة

طبيب يقوم بجراحة إشعاعية مستخدمًا سكين جاما.

تعتمد الجراحة الإشعاعية المجسمة على تدمير إشعاع مؤين مولد خارج الجسم لأهداف محددة في الرأس أو النخاع الشوكي دون الحاجة إلى إجراء شق حقيقي. يتطلب هذا المفهوم تطبيق جرعات متدرجة المدى لتقليل إصابة الأنسجة الطبيعية المجاورة مع الحفاظ على فعالية العلاج في الأنسجة المستهدفة. نتيجة لهذا التعريف، يجب أن تتوافق دقة العلاج الإجمالية مع الهوامش العلاجية الموضوعة أو تتفوق عليها، وتقدر تلك الهوامش بنحو 1-2 مليمتر. لاستخدام هذه الطريقة على النحو الأمثل ولعلاج المرضى بأعلى قدر ممكن من الدقة، يجب تحسين جميع الأخطاء الممكنة بشكل منهجي، بدءًا من طريقة التصوير والخطة العلاجية وصولًا إلى الجوانب الميكانيكية للعلاج كالحركة أثناء العملية. يجري العملية فريق متعدد التخصصات لضمان جودة رعاية المريض. يتكون الفريق من طبيب أورام متخصص بالعلاج الشعاعي واختصاصي فيزياء طبية ومعالج شعاعي. توفر أجهزة جاما نايف وسايبر نايف ونوفاليس البرامج المخصصة للجراحة الإشعاعية المجسمة.[20][21][22][23][24]

توفر الجراحة الإشعاعية المجسمة بديل فعال وآمن، وبأقل قدر من التدخل الجراحي للمرضى المصابين بأورام خبيثة أو حميدة أو وظيفية في الدماغ والنخاع الشوكي -كالأورام الأولية والنقائل. تعتبر الجراحة الإشعاعية المجسمة خيار جيد لعلاج معظم النقائل والأورام السحائية والأورام الشفانية وأورام الغدة النخامية والتشوهات الشريانية الوريدية وألم العصب ثلاثي التوائم بالإضافة لاضطرابات أخرى.[25][26][27]

يختلف هدف الجراحة الإشعاعية المجسمة عن هدف العلاج الإشعاعي المجزأ اختلافًا جوهريًا، بصرف النظر عن التشابه بين مفهومي هذين المنهجين وإحرازهما نتائج متطابقة في بعض الحالات. تعتمد الجراحة الإشعاعية المجسمة على تدمير الأنسجة المستهدفة مع الحفاظ على سلامة الأنسجة الطبيعية المجاورة، بينما يعتمد العلاج الإشعاعي المجزأ على اختلاف حساسية الأنسجة المستهدفة والأنسجة الطبيعية المحيطة لإجمالي جرعة الأشعة المتراكمة. تطور مجال العلاج الإشعاعي المجزأ من المفهوم الأساسي للجراحة الإشعاعية المجسمة بعد اكتشاف مبادئ البيولوجيا الإشعاعية: الإصلاح وإعادة التشكيل وإعادة التكاثر وإعادة الأكسجة. تعتبر الطريقتان في الوقت الحالي علاجين متكاملين؛ فقد تستجيب الأورام المقاومة للعلاج الإشعاعي المجزأ بشكل جيد للجراحة الإشعاعية، بينما تكون الأورام الكبيرة جدًا أو القريبة جدًا من الأعضاء الحيوية مرشحة للعلاج الإشعاعي المجزأ.[28][29]

تطورت طريقة أخرى أكثر حداثة بالاعتماد على المفهوم الأصلي للجراحة الإشعاعية المجسمة؛ بحيث تستهدف مناطق خارج الجمجمة كالرئة والكبد والبنكرياس والبروستات. سميت الطريقة الجديدة باسم العلاج الإشعاعي التجسيمي، وهي تواجه عقبات تتعلق بمجالات الحركة المتنوعة، بالإضافة إلى مشاكل تثبيت المريض وحركته؛ فقد تتحرك الآفات خارج الجمجمة باختلاف وضعية المريض بسبب حركات التنفس وامتلاء المثانة والمستقيم. تتشابه الجراحة المجسمة والعلاج الإشعاعي التجسيمي من حيث المفهوم؛ إذ يستهدف الأخير منطقة محددة أيضًا، ولكنها خارج الجمجمة. تتطلب حركة الأنسجة المستهدفة اختيار هوامش علاجية أكبر؛ إذ لا تسمح لنا حركة المريض بتحديد مكان الأنسجة المستهدفة بدقة. يعني ما سبق تعرض مقدار أكبر من الأنسجة الطبيعية لجرعات عالية من الإشعاع، وهذا قد يؤدي إلى زيادة الآثار الجانبية للعلاج. لهذا السبب، يعطى العلاج الإشعاعي التجسيمي بشكل مجزأ ومحدود ليمزج بذلك مفهوم الجراحة الإشعاعية المجسمة مع فوائد العلاج الإشعاعي المجزأ. تتوفر تقنيات متقدمة موجهة بالصور لمراقبة حركة الأنسجة المستهدفة وتصحيح المجال وفقًا لموضع المريض بشكل دقيق قبل العلاج وخلاله. توجد هذه التقنيات ضمن برامج الجراحة الإشعاعية التي تقدمها سايبر نايف ونوفاليس.[30][31]

انظر أيضًا

المراجع

  1. Zapata، Agustin (2009). "Microdialysis in Rodents". Current Protocols in Neuroscience. ج. 47 ع. 7.2: 1–7.2.29. DOI:10.1002/0471142301.ns0702s47.
  2. Athos, J. and Storm, (2001). High Precision Stereotaxic Surgery in Mice. Current Protocols in Neuroscience. A.4A.1–A.4A.9.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link) صيانة الاستشهاد: مكان (link) صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
  3. Geiger, B. M., Frank, L. E., Caldera-Siu, A. D., Pothos, E. N.,. "Survivable Stereotaxic Surgery in Rodents". J Vis Exp. 20. مؤرشف من الأصل في 2019-12-16.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  4. Goerss S، Kelly PJ، Kall B، Alker GJ Jr (1982). "A computed tomographic stereotactic adaptation system". Neurosurgery. ج. 10 ع. 3: 375–9. DOI:10.1097/00006123-198203000-00014. PMID:7041006.
  5. Brown RA (2015). "The mathematics of four or more N-localizers for stereotactic neurosurgery". Cureus. ج. 7 ع. 10: e349. DOI:10.7759/cureus.349. PMC:4641741. PMID:26623204.
  6. Siddon، Robert؛ Barth، Norman (1987). "Stereotaxic Localization of Intracranial Targets". Research Gate. International Journal of Radiation OncologyBiologyPhysics 13(8):1241-6. مؤرشف من الأصل في 1987-02-27. اطلع عليه بتاريخ 2017-04-20. {{استشهاد ويب}}: |archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  7. Couldwell WT، Apuzzo ML (1990). "Initial experience related to the Cosman-Roberts-Wells stereotactic instrument. Technical note". Journal of Neurosurgery. ج. 72 ع. 1: 145–8. DOI:10.3171/jns.1990.72.1.0145. PMID:2403588.
  8. Heilbrun MP، Roberts TS، Apuzzo ML، Wells TH Jr، Sabshin JK (أغسطس 1983). "Preliminary experience with Brown-Roberts-Wells (BRW) computerized tomography stereotaxic guidance system". Journal of Neurosurgery. ج. 59 ع. 2: 217–222. DOI:10.3171/jns.1983.59.2.0217. PMID:6345727.
  9. Thomas DG، Anderson RE، du Boulay GH (يناير 1984). "CT-guided stereotactic neurosurgery: experience in 24 cases with a new stereotactic system". Journal of Neurology, Neurosurgery & Psychiatry. ج. 47 ع. 1: 9–16. DOI:10.1136/jnnp.47.1.9. PMC:1027634. PMID:6363629.
  10. Leksell L، Leksell D، Schwebel J (يناير 1985). "Stereotaxis and nuclear magnetic resonance". Journal of Neurology, Neurosurgery & Psychiatry. ج. 48 ع. 1: 14–18. DOI:10.1136/jnnp.48.1.14. PMC:1028176. PMID:3882889.
  11. Thomas DG، Davis CH، Ingram S، Olney JS، Bydder GM، Young IR (يناير 1986). "Stereotaxic biopsy of the brain under MR imaging control". AJNR American Journal of Neuroradiology. ج. 7 ع. 1: 161–163. PMID:3082131.
  12. Heilbrun MP، Sunderland PM، McDonald PR، Wells TH Jr، Cosman E، Ganz E (1987). "Brown-Roberts-Wells stereotactic frame modifications to accomplish magnetic resonance imaging guidance in three planes". Applied Neurophysiology. ج. 50 ع. 1–6: 143–152. DOI:10.1159/000100700. PMID:3329837.
  13. Maciunas RJ، Kessler RM، Maurer C، Mandava V، Watt G، Smith G (1992). "Positron emission tomography imaging-directed stereotactic neurosurgery". Stereotactic and Functional Neurosurgery. ج. 58 ع. 1–4: 134–140. DOI:10.1159/000098986. PMID:1439330.
  14. Levivier M، Massager N، Wikler D، Lorenzoni J، Ruiz S، Devriendt D، David P، Desmedt F، Simon S، Van Houtte P، Brotchi J، Goldman S (يوليو 2004). "Use of stereotactic PET images in dosimetry planning of radiosurgery for brain tumors: clinical experience and proposed classification". Journal of Nuclear Medicine. ج. 45 ع. 7: 1146–1154. PMID:15235060. مؤرشف من الأصل في 2019-05-31.
  15. Picard، Claude؛ Olivier، Andre؛ Bertrand، Gilles (1 أكتوبر 1983). "The first human stereotaxic apparatus". Journal of Neurosurgery. ج. 59 ع. 4: 673–676. DOI:10.3171/jns.1983.59.4.0673. ISSN:0022-3085. مؤرشف من الأصل في 2020-01-26.
  16. Galloway، RL Jr. (2015). "Introduction and Historical Perspectives on Image-Guided Surgery". في Golby، AJ (المحرر). Image-Guided Neurosurgery. Amsterdam: Elsevier. ص. 3–4.
  17. Tse، VCK؛ Kalani، MYS؛ Adler، JR (2015). "Techniques of Stereotactic Localization". في Chin، LS؛ Regine، WF (المحررون). Principles and Practice of Stereotactic Radiosurgery. New York: Springer. ص. 28.
  18. Saleh، H؛ Kassas، B (2015). "Developing Stereotactic Frames for Cranial Treatment". في Benedict، SH؛ Schlesinger، DJ؛ Goetsch، SJ؛ Kavanagh، BD (المحررون). Stereotactic Radiosurgery and Stereotactic Body Radiation Therapy. Boca Raton: CRC Press. ص. 156–159.
  19. Khan، FR؛ Henderson، JM (2013). "Deep Brain Stimulation Surgical Techniques". في Lozano، AM؛ Hallet، M (المحررون). Brain Stimulation: Handbook of Clinical Neurology. Amsterdam: Elsevier. ج. 116. ص. 28–30.
  20. Barnett، Gene H. (2007). "Stereotactic radiosurgery-an organized neurosurgery-sanctioned definition". Journal of Neurosurgery. ج. 106 ع. 1: 1–5. DOI:10.3171/jns.2007.106.1.1. PMID:17240553. S2CID:1007105.
  21. Paddick، Ian (2006). "A simple dose gradient measurement tool to complement the conformity index". Journal of Neurosurgery. ج. 105: 194–201. DOI:10.3171/sup.2006.105.7.194. PMID:18503356.
  22. Tsao، May N. (2012). "International Practice Survey on the Management of Brain Metastases: Third International Consensus Workshop on Palliative Radiotherapy and Symptom Control". Clinical Oncology. ج. 24 ع. 6: e81–e92. DOI:10.1016/j.clon.2012.03.008. PMID:22794327.
  23. Park، Kyung-Jae (2012). "Outcomes of Gamma Knife surgery for trigeminal neuralgia secondary to vertebrobasilar ectasia". Journal of Neurosurgery. ج. 116 ع. 1: 73–81. DOI:10.3171/2011.8.JNS11920. PMID:21962163. S2CID:27253430.
  24. Smith، Zachary A. (2003). "Dedicated linear accelerator radiosurgery for the treatment of trigeminal neuralgia". Journal of Neurosurgery. ج. 99 ع. 3: 511–516. DOI:10.3171/jns.2003.99.3.0511. PMID:12959439.
  25. Leksell، Lars (1983). "Stereotactic radiosurgery". Journal of Neurology, Neurosurgery, and Psychiatry. ج. 46 ع. 9: 797–803. DOI:10.1136/jnnp.46.9.797. PMC:1027560. PMID:6352865.
  26. Niranjan، Ajay (2000). "Radiosurgery: where we were, are, and may be in the third millennium". Neurosurgery. ج. 46 ع. 3: 531–543. DOI:10.1097/00006123-200003000-00002. PMID:10719848.
  27. De Salles، Antonio (2008). Radiosurgery from the brain to the spine: 20 years experience. Acta Neurochirurgica Supplementum. ج. 101. ص. 163–168. DOI:10.1007/978-3-211-78205-7_28. ISBN:978-3-211-78204-0. PMID:18642653. {{استشهاد بكتاب}}: |صحيفة= تُجوهل (مساعدة)
  28. Bernier، Jacques (2004). "Radiation oncology: a century of achievements". Nature Reviews. Cancer. ج. 4 ع. 9: 737–747. DOI:10.1038/nrc1451. PMID:15343280. S2CID:12382751.
  29. Combs، Stephanie (2010). "Differences in clinical results after LINAC-based single-dose radiosurgery versus fractionated stereotactic radiotherapy for patients with vestibular schwannomas". International Journal of Radiation Oncology, Biology, Physics. ج. 76 ع. 1: 193–200. DOI:10.1016/j.ijrobp.2009.01.064. PMID:19604653.
  30. Kavanagh، Brian D. (2006). "Extracranial radiosurgery (stereotactic body radiation therapy) for oligometastases". Seminars in Radiation Oncology. ج. 16 ع. 2: 77–84. DOI:10.1016/j.semradonc.2005.12.003. PMID:16564443.
  31. Langen، K.M. (2001). "Organ motion and its management". International Journal of Radiation Oncology, Biology, Physics. ج. 50 ع. 1: 265–278. DOI:10.1016/s0360-3016(01)01453-5. PMID:11316572.
  • أيقونة بوابةبوابة طب
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.