ابن يونس المنجم
أَبُو اَلْحَسَنْ عَلِي بْنْ أَبِي سَعِيدْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنْ بْنْ أَحْمَدْ بْنْ يُونُسْ بْنْ عَبْدِ اَلْأَعْلَى اَلصَّدَفِيِّ اَلْمِصْرِيِّ المعروف بِابْنِ يُونُسْ، والصدفي نسبة إلى قبيلة الصدف اليمنية التي سكنت مصر،[1][2] ولد في بمصر حوالي عام 342 هـ/ 950م وتوفي بها عام 1009م.[3][4][5] وهو من مشاهير الفلكيين العرب الذين ظهروا بعد البتاني وأبو الوفا البوزجاني وربما كان أعظم فلكيي عصره. سبق جاليليو في اختراع بندول الساعة بعدة قرون. ولنبوغه أجزل له الفاطميون العطاء، وأسسوا له مرصدا على جبل المقطم قرب الفسطاط، وأمره العزيز بالله الفاطمي بعمل جداول فلكية، فأتمها في عهد الحاكم بأمر الله ولد العزيز، وسماها الزيج الحاكمي.
ابن يونس المنجم | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 950 م الفسطاط |
الوفاة | 6 يونيو 1009 القاهرة |
مواطنة | الدولة الفاطمية |
الأب | أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن يونس المصري |
الحياة العملية | |
تعلم لدى | أبو الوفاء البوزجاني |
المهنة | رياضياتي، وفلكي، ومنجم، وفيلسوف |
اللغة الأم | العربية |
اللغات | العربية |
مجال العمل | علم الفلك، ورياضيات |
اشتمل هذا الزيج على 81 فصلا وكانت تعتمد عليه مصر في تقويم الكواكب. وقد ترجمت بعض فصول هذا الزيج إلى اللغات الأجنبية. رصد ابن يونس كسوف الشمس وخسوف القمر عام 978م في القاهرة، وأثبت فيها تزايد حركة القمر، وحسب ميل دائرة البروج فجاءت أدق ما عرف قبل إدخال الآلات الفلكية الحديثة. وتقديرا لجهوده الفلكية، تم إطلاق اسمه على إحدى مناطق السطح غير المرئي من القمر.
حياته
ينتمي «ابن يونس» إلى أسرة اشتهرت بالعلم، فقد كان أبوه محدثاً ومؤرخاً كبيراً حيث وضع لأهل مصر كتابا تاريخيا يرجع العلماء إليه، كما كان جده من العلماء المتخصصين في علم النجوم، وحظي ابن يونس بمكانة كبيرة لدى الخلفاء الفاطميين الذين شجعوه على متابعة بحوثه الفلكية والرياضية، وبنوا له مرصداً قرب الفسطاط (القاهرة)، وجهزوه بكل ما يلزم من الآلات والأدوات، يقول عنه سارطون ربما كان أعظم فلكي مسلم.
عمل أبوه مؤرخًا وكاتبًا للسيرة الذاتية ودارسًا للحديث النبوي، حيث كتب مجلدين عن تاريخ مصر، أحدهما عن المصريين والآخر مبني على تعليقات المسافرين لمصر.[6] وصف والد ابن يونس، بصفته كاتب غزير الإنتاج، بأنه «مؤرخ مصر المبكر الأشهر، والكاتب الأول لدليل السير الذاتية المكرس للمصريين».[7] كان جده الكبير مريدًا للإمام الشافعي.
في بداية حياة ابن يونس، جاءت الخلافة الفاطمية للسلطة وأسست المدينة الجديدة القاهرة. في القاهرة، عمل ابن يونس كعالم فلك للخلافة الفاطمية لمدة 26 عامًا، في البداية كان عمله مع الخليفة العزيز بالله ثم مع الخليفة الحاكم بأمر الله. كرس ابن يونس أشهر أعماله في علم الفلك «الزيج الكبير الحاكمي» للخليفة الحاكم بأمر الله.
علاوة على أعماله الفلكية، كان ابن يونس معروفًا بكونه شاعر غريب الأطوار.[8]
إسهاماته
ومن أعظم أعماله الفلكية أنه حسب بدقة عظيمة ميل دائرة البروج، وذلك بعد أن رصد كسوف الشمس وخسوف القمر.
ولقد برع ابن يونس في حساب المثلثات، وهو أول من توصل إلى حل بعض معادلات حساب المثلثات التي تستخدم في علم الفلك، وله فيها بحوث قيمة ساعدت في تقدم علم المثلثات، فهو أول من وضع قانوناً في حساب المثلثات الكروية، وكانت له أهمية كبرى عند علماء الفلك، قبل اكتشاف اللوغاريتمات، إذ يمكن بواسطة ذلك القانون تحويل عمليات الضرب في حساب المثلثات إلى عمليات جمع، فسهل حل كثير من المسائل الطويلة المعقدة.
أظهر ابن يونس براعة كبرى في حل كثير من المسائل العويصة في علم الفلك.
ورصد ابن يونس كسوف الشمس والقمر في القاهرة في 978م، فجاء حسابه أقرب ما عرف، إلى أن ظهرت آلات الرصد الحديثة.
التنجيم
في التنجيم، المعروف بوضع التنبؤات، كتب ابن يونس كتاب بلوغ الأمنية، وهو عمل مهتم بالشروق النجمي للشعرى اليمانية، ووضع تنبؤات بشأن اليوم المحدد من الأسبوع الذي ستبدأ فيه السنة القطبية.
علم الفلك
العمل الأشهر لابن يونس المصري في مجال علم الفلك الإسلامي، هو كتاب الزيج الكبير الحاكمي، الذي كان دليلًا للأعمال الفلكية وكان يحتوي على ملاحظات دقيقة للغاية، حصلنا على معظمها بأدوات فلكية ضخمة للغاية. طبقًا لنويل مارك سويردلوي، يُعتبر كتاب الزيج الكبير الحاكمي «عملًا فائق الأصالة، لم ينج منه إلا النصف فقط».[10]
عبر ابن يونس عن الحلول في كتابه الزيج الحاكمي دون استخدام رموز رياضية،[11] لكن جان باتيست جوزيف ديلامبر لاحظ في ترجمته للجداول الحاكمية في عام 1819 أن اثنين من وسائل ابن يونس المستخدمة لتحديد الزمن من ارتفاع الشمس أو النجوم كانت معادلة للمطابقات المثلثية [12] التي عرَّفها يوهانس فيرنر في القرن السادس عشر في أطروحته عن المقاطع المخروطية. تُعرف تلك المعادلات الآن بمعادلات فيرنر، وكانت ضرورية لتطور اللوغاريتمات في عقود لاحقة.
وصف ابن يونس 40 اقتران كوكبي و30 خسوف قمري. على سبيل المثال، فقد وصف بدقة الاقتران الكوكبي الذي حدث في سنة 1000 كما يلي: اقتران بين الزهرة والمريخ في الجوزاء، مرصود في السماء الغربية: كان الكوكبان في اقتران بعد الغروب في الليل [الأحد 19 مايو من العام 1000]. كان هذا الوقت تقريبًا 8 ساعات اعتدالية بعد منتصف يوم الأحد... كان المريخ في شمال الزهرة واختلاف خط العرض كان ثلث درجة.[13]
تؤكد المعرفة الحديثة حول مواقع الكواكب أن هذا الوصف وهذا الحساب للمسافة بأنها ثلث درجة صائب تمامًا. استخدمت ملاحظات ابن يونس حول الاقتران والخسوف في حسابات ريتشارد دونثورن وسيمون نيوكومب حول التسارع بعيد المدى الزمني للقمر.[13][14]
فلسفة ابن يونس
لم يكن يؤمن في دراساته العلمية إلا بما أقتنع به عقله، كما لم يأبه بما كان الناس يقولون عنه، وتتلخص فلسفته في ثلاث نقاط هي:
- الأخذ بالمبدأ العلمي القائم على الرصد والقياس، واتحاذ الكون وما فيه معلما، منه يستنبط الحقائق، وإليه ترد.
- تدعيم الإيمان عن طريق تلمس آيات الخالق المنبثة في الكون.
- ممارسة المتع المشروعة. (فيذكر ابن خلكان عن أحد المنجمين أنه طلع معه مرة إلى جبل المقطم، وقد وقف لرصد كوكب الزهرة، فنزع عمامته وثوبه ولبس قميصا أحمرا ومقنعة حمراء تقنع بها، أخرج عودا فضرب به والبخور بين يديه، فكان أمره عجبا من العجاب).
المصدر/ مجلة المعرفة - صفحة 320.
روايته للحديث
روى أبو الحسن عن أبيه الحافظ أبي سعيد بن يونس أحاديث وأخبارًا، ولكن علماء الجرح والتعديل ردوا روايته لاشتغاله بالتنجيم والسحر.[18]
مؤلفاته
كان لابن يونس العديد من المؤلفات، وأهم كتاب له هو «الزيج الكبير الحاكمي» وهو الكتاب الذي بدأ تأليفه، بأمر من الخليفة العزيز الفاطمي سنة 380هـ/990م، وأتمه سنة 1007م في عهد الخليفة الحاكم ولد العزيز، وسماه الزيج الحاكمي، نسبة إلى الخليفة.
وكلمة زيج كلمة فارسية (زيك)، ومعناها بمفهومنا الحديث الجداول الفلكية الرياضية، وكان له كتاب آخر أسمه زيج ابن يونس، والأرقام التي أوردها في كتابيه الزيجين صحيحة حتى الرقم السابع العشري، مما يدل على دقة حسابية لا مثيل لها في الحساب، وعنه نقل الكثير من العلماء الفلكيون، خصوصا بعد ان انتقل زيجه إلى الشرق، وكان المصريون يعولون على تقاويمهم على زيج ابن يونس لفترة طويلة من الزمن.
المصادر
- "ابن يونس المصري - المكتبة الشاملة". shamela.ws. مؤرشف من الأصل في 2022-06-18. اطلع عليه بتاريخ 2022-06-17.
- "ابن يونس الصدفي (عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي أبي سعيد)". tarajm.com. مؤرشف من الأصل في 2022-06-18. اطلع عليه بتاريخ 2022-06-17.
- "معلومات عن ابن يونس المصري على موقع enciclopedia.cat". enciclopedia.cat. مؤرشف من الأصل في 2019-08-23.
- "معلومات عن ابن يونس المصري على موقع id.worldcat.org". id.worldcat.org. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10.
- "معلومات عن ابن يونس المصري على موقع www-gap.dcs.st-and.ac.uk". www-gap.dcs.st-and.ac.uk. مؤرشف من الأصل في 2015-12-31.
- Eternal Egypt. Ibn Yunus The Historian. نسخة محفوظة 9 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين.
- Eickelman, Dale F. James Piscatori. Muslim Travellers: Pilgrimage, Migration, and the Religious Imagination. Berkeley: University of California Press, 1990. p. 58
- Berggren، J. L. (2003)، Episodes in the Mathematics of Medieval Islam، Springer، ص. 148، ISBN:9780387406053، مؤرشف من الأصل في 2020-01-24.
- "Ibn Yunus". Gazetteer of Planetary Nomenclature. USGS Astrogeology Research Program. مؤرشف من الأصل في 2022-04-07.
- N. M. Swerdlow (1993), "Montucla's Legacy: The History of the Exact Sciences", Journal of the History of Ideas 54 (2): 299-328 [320].
- Complete Dictionary of Scientific Biography, 2008 نسخة محفوظة 4 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- David A. King, 'Islamic Math and Science', Journal for the History of Astronomy, Vol. 9, p.212 نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- O'Connor، John J.؛ Robertson، Edmund F.، "Abu'l-Hasan Ali ibn Abd al-Rahman ibn Yunus"، تاريخ ماكتوتور لأرشيف الرياضيات
- Raymond Mercer (1994), 'English Orientalists and Mathematical Astronomy' in The 'Arabick' Interest of the Natural Philosophers in 17th-Century England, p.198
- Good، Gregory (1998). Sciences of the Earth: An Encyclopedia of Events, People, and Phenomena. روتليدج. ص. 394. ISBN:978-0-8153-0062-5. مؤرشف من الأصل في 2020-01-24.
"Pendulum". Encyclopedia Americana. The Americana Corp. ج. 21. 1967. ص. 502. مؤرشف من الأصل في 2020-10-05. اطلع عليه بتاريخ 2009-02-20.
Baker، Cyril Clarence Thomas (1961). Dictionary of Mathematics. G. Newnes. ص. 176. مؤرشف من الأصل في 2020-01-24. - Newton، Roger G. (2004). Galileo's Pendulum: From the Rhythm of Time to the Making of Matter. US: دار نشر جامعة هارفارد. ص. 52. ISBN:978-0-674-01331-5. مؤرشف من الأصل في 2020-01-24.
- King، D. A. (1979). "Ibn Yunus and the pendulum: a history of errors". Archives Internationales d'Histoire des Sciences. ج. 29 ع. 104: 35–52.
Hall، Bert S. (سبتمبر 1978). "The scholastic pendulum". Annals of Science. تايلور وفرانسيس. ج. 35 ع. 5: 441–462. DOI:10.1080/00033797800200371. ISSN:0003-3790.
O'Connor, J. J.؛ Robertson, E. F. (نوفمبر 1999). "Abu'l-Hasan Ali ibn Abd al-Rahman ibn Yunus". جامعة سانت أندروز. مؤرشف من الأصل في 2019-07-29. اطلع عليه بتاريخ 2007-05-29. - شمس الدين الذهبي. المغني في الضعفاء. تحقيق الدكتور نور الدين عتر. ج. 2. ص. 448.
- اللباب في تهذيب الأنساب - ابن الأثير - طبعة القاهرة - 1356 هجري - صفحة 350 - ذكر اسمه ونسبه الصدفي وأصله قبيلة عربية هاجرت من اليمن إلى مصر.
- مجلة المعرفة - الصادرة من مؤسسة الأهرام - القاهرة 1972 - العدد 20 - صفحة 320.
- بوابة أعلام
- بوابة الدولة العباسية
- بوابة الدولة الفاطمية
- بوابة العصور الوسطى
- بوابة تاريخ العلوم
- بوابة رياضيات
- بوابة علم الفلك
- بوابة فلسفة
- بوابة مصر