أغاستيا

كان أغاستيا أحد الحكماء الهندوس الهنود الموقرين. في التقليد الهندي،[1] يعتبر أغاستيا من أبرز الشخصيات التي عاشت في عزلة عن العالم، وكان عالمًا صاحب أثر في العديد من لغات شبه القارة الهندية. كان أغاستيا وزوجته لوبامودرا المؤلفين الشهيرين لترتيلات 1.165 حتى 1.191 في نص ريغفيدا وباقي الأدب الفيدي المكتوب باللغة السنسكريتية. [1][2][3]

أغاستيا
 

معلومات شخصية
مواطنة الهند 
الحياة العملية
المهنة شاعر 

يعتبر أغاستيا أب طب سيدها. ويظهر في العديد من نصوص إيتيهاساس وبورانا، بما في ذلك ملحمتي مهابهاراتا ورامايانا الكبرتين.[3][4] ويعد أغاستيا واحدًا من أشهر 7 ريشي (السابتاريشي) في النصوص الفيدية،[5] ويحظى بمكانة مرموقة كأحد السيدهار التاميل في التقليد الشيفاوي الذين اخترعوا قاعدة قديمة للغات الدرافيدية، أغاتيام، ولعب دورًا رياديًا في تطوير طب وروحانية تامبرابارنيان في مراكز سايفا في سري لانكا وجنوب الهند في فترة فجر التاريخ. ويحظى أغاستيا أيضًا بمكانة في الأدب البوراني لدى طائفتي الشاكتية والفيشنوية.[6] وهو أحد الحكماء الهنود الذين توجد لهم منحوات ونقوش بارزة قديمة في المعابد الهندوسية لجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا مثل معابد شايفا العائدة لحقبة أوائل القرون الوسطى في جزيرة جاوة في إندونيسيا. ويعد أغاستيا الشخصية الرئيسية والغورو في نص أغاستيابارفا القديم المكتوب باللغة الجاوية، الذي ما تزال نسخته العائدة للقرن ال 11 موجودة حتى اليوم.[7][8]

يشار إلى أغاستيا عادة على أنه مؤلف العديد من النصوص السنسكريتية، كنص أغاستيا غيتا ضمن نصوص فاراها بورانا، وأغاستيا سامهيتا المرفق ضمن نصوص سكاندا بورانا، ونص دفايدها نيرنايا تانترا.[3] ويشار إليه أيضًا بأسماء مانا وكالاساجا وكومبهاجا وكومبهايوني ومايترافاروني نسبة لأصوله الأسطورية.[7][9][10]

أصل الكلمة والتسمية الاصطلاحية

طُرحت أصول عديدة ومختلفة لكلمة «أغاستيا». ذكرت إحدى النظريات أن جذر الكلمة هو أغ أو أنغ التي تعني «المشع والمضيء» وتربط أغاستيا ب «الشخص الذي يشع» في العتمة، وعادة ما يكون اسم أغاستيا الاسم الهندي لنجم سهيل، ثاني أكثر النجوم إشعاعًا في السماء في شبه القارة الهندية بعد سيريوس.[11] وتربط نظرية ثالثة الاسم بأصول هندو أوروبية عبر الكلمة الإيرانية غاستا التي تعني «الخطيئة والإثم»، وستعني كلمة أغاستا «غير الخاطئ وغير الآثم».[12] وتشير النظرية الرابعة التي استندت إلى الأصل الشعبي للكلمة في البيت 2.11 من رامايانا كلمة أغاستيا مشتقة من أغا (الثابت أو الجبل) وغام (يتحرك)، ويعني الجذران سوية «الشخص الذي يحرك الجبال»[13] أو «محرك ما هو ثابت». تكتب الكلمة أيضًا كأغاستي وأغاثيار.[14][15]

سيرة حياته

أغاستيا هو المؤلف للعديد من تراتيل ريجفيدا. غير أن هذه التراتيل غير موجودة في سيرة حياته.[1][16] تعود أصول كلمة أغاستيا، بولاستيا، أحد الحكماء السبع لريجفيدا، إلى والده. جاءت ولادته الثانية الإعجازية عن طريق إقامة ياجنا من قبل الإلهين ميترا وفارونا، حيث تظهر روح أبسارا وأورفاشي السماوية.[17] إلا أنهما يسحران بجنسانية أبسارا وأورفاشي السماوية، ويقذفان السائل المنوي. يسقط سائلهما المنوي في جرة طينية كانت الرحم الذي سينمو فيه الجنين أغاستيا. ويولد أغاستيا من هذا الوعاء، إلى جانب حكيمه التوأم فاسيشت في بعض الأساطير.[18] وتمنحه هذه الأسطورة اسم كومبهايوني الذي يعني حرفيًا «من كان رحمه وعاء من الطين». [17][19]

أغاستيا هو أحد البراهمة التاميل (مارايار) الذي يعيش حياة الزهد ويثقف نفسه ويصبح حكيمًا ذائع الصيت. تسببت أصوله غير المعروفة إلى اقتراحات تخمينية تقول بأنه من المحتمل أن أغاستيا الحقبة الفيدية كان مهاجرًا تركت أفكاره أثرًا في المنطقة الجنوبية. [20][21][22]

وفقًا لأساطير متناقضة في الأدب البوراني وفي الملاحم، يتقدم الحكيم الزاهد أغاستيا للزواج من لوبامودرا، التي كانت أميرة ولدت في مملكة فيداربها. كان والدا الأميرة غير راغبين بمباركة الخطوبة لخشيتهم أنها ستكون غير قادرة على عيش الحياة المتقشفة التي كان أغاستيا يعيشها في الغابة.[23] إلا أن الأساطير تذكر أن لوبامودرا تقبل به كزوج، وتقول إن أغاستيا يمتلك ثروة العيش الزاهد وأن شبابها سيتلاشى مع الفصول وأن فضيلته تجعله الشخص المناسب. وبذلك أصبحت لوبامودرا زوجة أغاستيا. في نسخ أخرى، تزوجت لوبامودرا أغاستيا، إلا أنه بعد الزواج، تطلب من زوجها أن يوفر لها أساسيات الراحة قبل أن يمارسا الجنس كزوجين، وهو طلب أفضى إلى إرغام أغاستيا على العودة إلى المجتمع وتحصيل ثروة.[24]

أنجب أغاستيا ولوبامودرا ولد سمي دردهاسيو، وفي بعض الأحيان سمي إدهامافاها. ويوصف في ماهابهاراتا بأنه صبي يتعلم الفيداس عبر استماعه لوالديه حين كان في الرحم، ويولد إلى العالم وهو يردد التراتيل.[25]

أغاستيا أشرام

كان لدى أغاستيا صومعة ناسك (أشرام)، إلا أن النصوص الهندية العائدة للحقبة القديمة وحقبة القرون الوسطى تقدم قصصًا ومواقعًا متناقضة لهذا الأشرام. تحدد أسطورتان موقعه في شمالي غرب ماهاراشترا، على ضفاف نهر غودافاري بالقرب من ناشيك في بلدتين صغيرتين تسميان أغاستيابوري وأكولي. وتوجد مواقع مفترضة أخرى ذكرت في المصادر الشمالية والشرقية الهندية بالقرب من سانغلي في إينوادي (أغاستيناغار) وقرية (تل خانابور) (الممرات الجبلية الغربية في ماهاراشترا) أو بالقرب من كاناوج (أوتار براديش)، أو في قرية أغاستيموني بالقرب من رودرابراياغ (أوتاراخاند) أو تلال ساتبورا رانج (مادهيا براديش). في المصادر الجنوبية وفي ديفي بهاغافاتا بورانا الهندية الشمالية.[26]

يقع الأشرام الخاص به في تاميل نادو، والذي يقع بأشكال مختلفة في تيرونيلفيلي أو تلال بوثيال أو ثانجافور. مع توجهه نحو الشرق، كفر عن ذنوبه على صخرة في كانياكوماري مباشرة بعد أن بدأ بممارسة كالي يوغا. ويعتبر أن مكان الراحة الأخير الخاص به كان في أغاستيا مالا في ثيروفانانثابورام.

المصادر النصية

فيداس

يذكر أغاستيا في الفيداس الأربعة كلها في الهندوسية، وهو شخصية في ملاحم البراهمانا والأبانيشاد وأرانياكاس والعديد من البورانا.[10] وهو مؤلف تراتيل 165 حتى 1.191 من الريجفيدا (1200 قبل الميلاد).[1][16] أدار أغاستيا مدرسة فيدية (غوروكول) كما تثبت الترتيلة 1.179 من الريجفيدا التي تذكر أن المؤلف كان زوجته لوبامودرا وتلاميذه.[10] كان أغاستيا حكيمًا محط احترام في الحقبة الفيدية، إذ تشير العديد من التراتيل الأخرى من الريجفيدا التي ألفها حكماء آخرون إلى أغاستيا. تشتهر التراتيل التي ألفها أغاستيا بتشابيهها وألعابها اللفظية وأحاجيها وتورياتها وصورة قوية تتضمنها رسالته الروحية.[27]

يشتهر شعره الفيدي بموضوعين شكل خاص.[27] في إحدى مجموعاته من التراتيل، يصف أغاستيا صراعًا بين جيشين يقودهما الإلهين إيندرا ومارتوس، وهو ما فسره باحثون مثل جي إس جوري على أنه كناية عن صراع بين آريا (إيندرا) وداسا (رودرا).[21][28] ينجح أغاستيا في إنهاء صراعهم، ويقدم قربانًا ويصلي من خلاله لكي يسود التفهم والمحبة بين الطرفين. تنتهي 21 ترتيلة من بين تراتيله ال 27 التي ألفها في ماندالا 1 من الريجفيدا بتوقيعه الذي يطلب فيه أن «تحصل كل جماعة على الغذاء والماء».[27] جعلته هذه الأفكار يعتبر حاميًا لكل من آريا وداسا.[29] إلا أن بعض الباحثين فسروا التراتيل ذاتها بأنها كناية عن تعارض أي أيديولوجيتين أو نمطي حياة، نظرًا إلى أن أغاستيا لا يستخدم مطلقًا كلمتي آريا أو داسا، ويستخدم فحسب عبارة أوبهاو فارناف (تعني حرفيًا «كلا اللونين»)[21][30][31]. يعاود موضوع وفكرة «التفهم المتبادل» كوسيلة توفيق أبدي، إلى جانب اسم أغاستيا، الظهور في الفقرة 1.2.2 من إيتاريا أرانياكا في الهندوسية. [32]

الموضوع الثاني، الشهير في الأدب الهندوسي، هو مناقشة بين زوجته لوبامودرا وبينه حول التوتر البشري بين السعي الروحي وراء الانعزال في دير، وبين مسؤولية حياة صاحب بيت ورب أسرة. يحاجج أغاستيا أنه ثمة العديد من الطرق للوصول إلى السعادة والتحرر، في حين تطرح لوبامودرا محاججاتها حول طبيعة الحياة والوقت، وإمكانية الإثنين. تنجح لوبامودرا في إغراء أغاستيا في التشبيه الذي يملأ الترتيلة الريجفيدية 1.179.[27][33]

يُذكر أغاستيا في القسمين الأقدم والأحدث من الريجفيدا (1500 – 1200 قبل الميلاد تقريبًا)، كما في الترتيلة 33 من الماندالا 7، التي هي أقدم من الماندالا 1.[34] ويذكر أيضًا في الفيداس الثلاث الأخرى وفي الأدب الفيدانجي، كالبيتين 13-14.5 من النيروكتا.[10][34]

يستشهد بأغاستيا وبأفكاره في العديد من النصوص الفيدية الأخرى، كالقسم 7.5.5 من تايتيريا سامهيتا والقسم 10.11 من كاثاكا سامهيتا و 2.1 من مايتراياني سامهيتا و 5.16من إيتاريا براهمانا 2.7.11 من تايتيريا براهمانا و21.14 من بانكافيمساتي براهمانا.[13]

رامايانا

يذكر الحكيم أغاستيا في فصول عديدة من الملحمة الهندوسية رامايانا وتوصف صومعته بأنها تقع على ضفاف نهر غودافاري.[35]

في الرامايانا، يوصف أغاستيا ولوبامودرا بأنهما يعيشان في غابة دانداكا على المنحدر الجنوبي لجبال فيندهيا. تمتدح راما أغاستيا بأنه الشخص القادر على فعل ما تجده الآلهة مستحيلًا. ويوصف من قبل راما بأنه الحكيم الذي يطلب من جبال فيندهيا أن تخفض من علوها لكي تتمكن الشمس والقمر والكائنات الحية من العبور فوقها بسهولة.[4][13][36][37]

المراجع

  1. Wendy Doniger (1981). The Rig Veda: An Anthology : One Hundred and Eight Hymns, Selected, Translated and Annotated. Penguin Books. ص. 167–168. ISBN:978-0-14-044402-5.
  2. Weiss 2009، صفحات 49–51.
  3. Dalal 2010، صفحات 7–8.
  4. Buck 2000، صفحات 138–139.
  5. Hiltebeitel 2011، صفحات 285–286.
  6. Rocher 1986، صفحات 166–167, 212–213, 233.
  7. Gonda 1975، صفحات 12–14.
  8. Rocher 1986، صفحة 78.
  9. Michael Witzel (1992). J. C. Heesterman؛ وآخرون (المحررون). Ritual, State, and History in South Asia: Essays in Honour of J.C. Heesterman. BRILL Academic. ص. 822 footnote 105. ISBN:90-04-09467-9. مؤرشف من الأصل في 2023-03-15.
  10. Dalal 2014، صفحات 187,376.
  11. Hiltebeitel 2011، صفحة 407.
  12. Edwin Bryant and Laurie Patton (2005), The Indo-Aryan Controversy, Routledge, (ردمك 0-700-71462-6), pages 252–253
  13. Daniélou 1991، صفحات 322–323 with footnotes 5 and 6.
  14. Indian History، Tata McGraw-Hill، ديسمبر 2006، ص. 240، ISBN:9780070635777، مؤرشف من الأصل في 2021-08-08
  15. Shulman 2016، صفحات 17,25-30: "agasti, Tamil, akatti, "West Indian pea-tree", presumably the origin of the name of the Vedic sage Agastya"
  16. Jamison & Brereton 2014، صفحات 1674–1675.
  17. Buitenen 1981، صفحات 187–188.
  18. Hananya Goodman (2012). Between Jerusalem and Benares: Comparative Studies in Judaism and Hinduism. State University of New York Press. ص. 218–219. ISBN:978-1-4384-0437-0. مؤرشف من الأصل في 2022-04-06.
  19. Shulman 2014، صفحة 65.
  20. K. R. Rajagopalan (1957), "Agastya – his non-Aryan Origin", Tamil Culture, Volume VI, Number 4 (Oct. 1957), pages 286-293
  21. Iravatham Mahadevan (1986) Agastya Legend and the Indus Civilization by கட்டுரையாளர் : ஐராவதம் மகாதேவன் கட்டுரையாளர் பணி : Retired I.A.S, his studies pertaining to the Indus Civilization கட்டுரைப் பிரிவு : Indus Valley Signs - சிந்துவெளி குறியீடுகள் ஆய்விதழ் எண் : 030 - December 1986 பக்கங்கள் نسخة محفوظة 28 July 2011 على موقع واي باك مشين. pages 29 (see 24-37 for context), Journal of Tamil studies
  22. Arvind Sharma (2011). Hinduism as a Missionary Religion. State University of New York Press. ص. 76–77. ISBN:978-1-4384-3211-3. مؤرشف من الأصل في 2022-04-18.
  23. Lopamudra The Mahabharata, translated by Kisari Mohan Ganguli (1883 -1896), Book 3: Vana Parva: Tirtha-yatra Parva: Section XCVII. نسخة محفوظة 2023-03-25 على موقع واي باك مشين.
  24. Arti Dhand (2009). Woman as Fire, Woman as Sage: Sexual Ideology in the Mahabharata. State University of New York Press. ص. 110. ISBN:978-0-7914-7140-1. مؤرشف من الأصل في 2022-04-08.
  25. Patton 2014، صفحة 34.
  26. Dalal 2010، صفحة 294.
  27. Jamison & Brereton 2014، صفحات 359–360.
  28. Govind Sadashiv Ghurye (1977). Indian Acculturation: Agastya and Skanda. Popular Prakashan. ص. 19–20. مؤرشف من الأصل في 2023-05-18.
  29. Arvind Sharma (2000). Classical Hindu Thought: An Introduction. Oxford University Press. ص. 135. ISBN:978-0-19-564441-8. مؤرشف من الأصل في 2022-04-10.
  30. G.C. Pande (1990). Foundations of Indian Culture, Volume 2. Motilal Banarsidass. ص. 184–186. ISBN:978-81-208-0712-9. مؤرشف من الأصل في 2022-04-08.
  31. Zvelebil 1992، صفحة 239.
  32. Max Muller, Aitareya Aranyaka, The Upanishads: Part I, Oxford University Press, page 170
  33. Patton 2014، صفحات 27–30.
  34. Patton 1996، صفحة 413.
  35. Gopal، Madan (1990). K.S. Gautam (المحرر). India through the ages. Publication Division, Ministry of Information and Broadcasting, Government of India. ص. 62.
  36. Buck 2000، صفحات 139–140.
  37. Buck 2000، صفحات 140–142.
  • أيقونة بوابةبوابة أعلام
  • أيقونة بوابةبوابة الهند
  • أيقونة بوابةبوابة الهندوسية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.